تَدَحْرُج الدُرِّ
جلست إلى جانبي و ما فارق الدمع خدها معظم الطريق ، ولمّا عَرَفتُ أنّ السببَ هو مغادرتُها بيتَها لليلةٍ واحدةٍ كانت هذه القصيدة .
دُرَرٌ تَدَحْرَجُ فوق دُمْلُج وَرْدِ
أغلى من الماسِ المُعَسْجَدِ ، عِندي
عِقْدٌ تآلف ُدرُّهُ وجُمانُه
ما بالُه ينفضُّ فوقَ النَهْد!
بأناملٍ منْ لؤلؤٍ متورِّدٍ
راحتْ تُلَمْلِمُ حَبَّ ذاك العِقْدِ
أَوَ نابَها يُتْمٌ فأجرى دمعَها
سَحّاً فروّى الدمعُ روضَ الخدِّ؟
أحلى من العَسلِ الضَريبِ حديثُها
فكأنّ في فمِها جِرارُ الشهد
لو كان في دمعي الغَناءُ ذرفتُه
أو تُفْتَدى لَفدَيْتُها بالـكِبْدِ
رِئْمٌ نأى ؛ ما اعْتادَ تَرْكَ كِناسِهِ
فبكاه وهو به حديثُ العَهْدِ
فبكى وأبكى في الهوى جيرانهُ
أَتُرى كواهم ما بهِ مِـ الفَقدِ؟
لهفي عليه حكى الغَمَامَ صَبابةً
مَنْ راعَ ظَبياً من سَوارح نَجْدِ!
قد عاش دهراً آمناً في سِرْبِه
ما كان يصلُحُ للنَوى والوَجْدِ
أُنثى أَرَقُّ مِـنَ النسيمِ فؤادُها
والعِطْفُ أنْدى مِنْ براعمِ وَردِ
والطبعُ أَرهَـفُ ما يكون لَطافَةً
بالحـبِّ،فاض جَنانُها، والوِدِّ
للسعدِ قد خلقت ، فلو مُـلِّـكْتُه
لجعلتُها تحيا بوَفْرَةِ سَعدِ
ربّاه لا تحكـمْ بطولِ بُعادِها
وارْأَفْ بها يا مُستَحقَّ الحَمْدِ
* * *
يا جارتا مـاذا يقول أخو النوى
إن راحَ من بُعْدٍ غدا في بُعْدِ
ما زال يُكوى بالبُعادِ فُؤادُه
حتى غدت نيرانُُه كالبردِ
قلبٌ تمرّس بالمحبّةِ والهوى
فالهجرُ رَوَّضَهُ وطُولُ الصَدِّ
هيمان يشكو للنجوم،فَلَيلُهُ
ما بين نجوى في الخيال وسُهْدِ
يهفو إلى هند،ويَشفي قلبَه
إمّا رأى عَرَضاً صَـواحِبَ هند
فبهِنَّ منها رِقَّةٌ ومَـلاحةٌ
وسَنا جَبينٍ وابتسامةُ خَدِّ
منّا إليها فَرْطُ وَجْدٍ مقلق
ولَنا إذا ذُكِرتْ سَحابةُ نَدِّ
يا جارتا صبراً على حرّ الجوى
ليس البُكا ـ لو تعلمين ـ بِمُجْدِ