قمر يضىء عتمة البيوت في مساحات السكون وهدوء الأزقة ...
و سحب تلفها بغمامة بيضاء كعروس تُزف لموكب يرتهن بالآماني وعذوبة الحلم ...
هالات تتوق ظلال خطوات متعثرة , وجسد يرتقب أن يكسر رتابة صمت الأحياء حركة .
تتوارى في الزوايا والمنعطفات، يدفعها سهام القلب أن تقترب أكثر من نبض الحياة ... لحظات تسكن الريبة فكر مشوب بالحذر والأمل ، متلهف لمحطة تحط رحال الصمت وتنزع ستار التردد .
عند عتبة الملتقى المطل على ضفاف النواحي ، راحت تخلع أقنعتها .. تروض العشق فتلجم لحظة تتلاشى الشكوك ، وتبدد وقارها حبات المطر المنسابة على النافذة . يدخل الدفىء أعماقها ، ويتأجج لهيب اللقاء ، يسكن ملذاتها ويحتضنها بقلبه ، يسقيها من رحيقه وينثر على خارطتها ماء عشتار .. إغماءة تفصلها عن الخمول وعودة إلى انتعاشة الروح ، تعيش العمر بلحظات ، بعد ما كان دهوراً تراكمت عليه كثبان الرمال ، ولا يدل على أثره سوى شجيرات تتهادى مع الرياح روحة ومجيئة كما يشاء لها أن تتمايل . تمتمات تهمّ بالرحيل وتوقظ التأوهات الغافية على انبلاج النهار.
عادت إلى تلك الجدران الباردة وعزلتها تنسج تلك الأمسية التي تراودها في لياليها ، تستفيق على خطوط ورؤى قاتمة ، و أشلاء الفضيلة برغبة الأنثى في داخلها للابحار بعيدا عن ما يرسمها لاهثاً بأنفاس متقطعة مثقلة يجر ما تبقى من بقايا روح ونبض . لا شيء يجمع بينهما سوى طقوس سحرية من قساوتها تسعى للهروب إلى ذلك العالم المفعم بالحيوية ليمنحها السلام وتعاود المسير.
إلى أين ! وإلى أي محطة تنتظر وتنتظر الشروق ... و يسدل الليل ستاره وتحلم على أمل أن يفرغ كأساً أضناها لسنوات.
قدر !! أن تزرع الورود في لوحة ترسمها وتسقيها من الصبر ، تراود مخيلتها في نفس الزاوية ونفس الشعاع يتخلل غرفتها كل ليلة بريق اللهفة والحنين إليه . تعد الخطوات واحدة تلو الأخرى بإيقاع مثقل بعذابات ما مضى وحنين الآتي ، هل تصل قبل أن يلوكها الزمان ويبتلعها المكان،
أم تحلم بشروق لا يزول !.