محنة مسئول
لم تكن مقاسات الحزام الطبيعية، حتى عندما يستخدم رمقه الأخير اتساعا، تكفي لتحيط بكرشه المترهل وزوائده المندلقة من على جنبيه.. ولأنه يملك استعدادا كاملا لدفع فارق التسعيرة في المقعدين الأماميين من الدرجة الأولى للطائرة لإراحة ما يكنزه من قدرات شحمية، لا تسبب له الرحلات الجوية مشكلا يذكر بالمقارنة مع ما سيعانيه الآن من الركوب للذهاب إلى القبة المفروض حضوره فيها صحبة كل مسئول ذا كرش ظاهر أو متخف، وذلك للمشاركة في الجلسة المنعقد تشكيلها على جناح السرعة مواكبة لأحداث الشغب الأخيرة من طرف مواطنين أغبياء ركبوا موجة الثورة ضد كل ما يخدم الشعب بعدم ترك فتنة الأموال بين أيدي أفراده لتعيث بعقولهم فسادا، وضد كل ما بناه هو والكثير من المسئولين الطموحين في العقود الأخيرة من المشروعات الضخمة للمنشآت السكنية والتعليمية والاقتصادية والإعلامية المنصب ريعها بين أطراف المجلس مناصفة دون الأخذ بعين الاعتبار فارق الجهود المقدمة فيها.. وما يحز في النفس أكثر أنه كان ضمن من قدموا الكثير من الجهود للتنمية الاجتماعية في أغلب المدن بتسهيلات كبيرة لكل مشروع هادف يمنع تسكع الشباب ما بين الأزقة والدروب بإنشاء نواد وعلب ليل تضم من المغريات ما لا يترك مجالا خصوصا للمراهقين منهم بالبحث عن بديل أكثر تكلفة.. كما خاطروا مرات عديدة تكليفا منهم بمد يد العون لكل بائع حبوب هلوسة بالتقسيط كمساهمة مجانية لمصلحة من لا يملكون القدرة المالية من شباب المدن والقرى لنسيان المعاناة اليومية وأولها فقر مدقع لم يجدوا له بعد حلا نسبيا وسط تزايد عدد الفقراء الذي ما إن وصل إلى حد لا يطاق حتى سارعوا بالمطالبة بفتح أبواب الجمارك وتخفيض ضرائب الاستثمارات الأجنبية رغبة في تنشئة الكثير من الأراضي الغير معبدة حتى ما لا يتحمل الفقراء مئونة التسكع فيها.. كما أنه كلف نفسه رفقة بعض أعضاء المجلس في حمل تكلفة من لم يجدون هدفا لحياتهم بأن أعانهم على الخروج منها تفجيرا لأنفسهم مقابل أموال طائلة تترك لذويهم من بعدهم وذلك خدمة لأغراض هادفة كما سابقيها لا جدوى من إعلانها خشية المن..
هذا ولا زال ضمن أعضاء المجلس وإلى حد هذه الساعة يبحثون عن أفضل السبل من أجل تبليغ الأمانة الملقاة على عاتقهم بما ينسجم وتطلعات المواطنين الغير مدركين لمصلحتهم، ووفق ما يخدم تحقيق الشروط الكفيلة بإسماع صوتهم الجهوري في قبة لم يجد بعد وسيلة النقل المريحة لحضور الجلسة المعلن انعقادها داخلها بعد ساعة..
"متى أكبر يا بابا كي أكون سمينا مثلك؟".. كان هذا صوت طفله الصغير وهو يراه منبطحا على بطنه بمساعدة السائق في المقاعد الخلفية لسيارته الدبلوماسية..