|
سوريْا العروس تهيأت لزفافِ |
وتزينت بحضارة الأسلافِ |
وتضوعت بالمسك طيَّب ثغرها |
وردائها بحريره الهفهافِ |
وتمخَّرَت ريح الأوائل يممت |
وجها لهم بمحاسن الإتحافِ |
واستنشقت من روضهم بجمالها |
ما بالنسيم من الأريج الضافي |
وتمخترت بقوامها وبقدها |
سحرٌ تحدَّر من جبين تعافي |
غسلت بشط فراتها وجها لها |
وتظللت بالتينِ والصفصافِ |
وبنهر بردى أمعنت في نزهة |
سوريِّة الملاَّح والمجدافِ |
وتطلعت للنور يغمر أرضها |
منذ انبلاج مشارق الإرهافِ |
فهي الجميلة أينعت بزهورها |
ما واجهت جدب الثرى بجفافِ |
فمنابت الأشجار ينبت بالحيا |
يهمي عليها من خلال مصافي |
في خضرة الأوراق أفنان بها |
إسعافنا بمباهج الإسعافِ |
ومراتع الترحال في أرجائها |
يسري بنا في سعينا الطوَّافِ |
بدمشق (جِلَّق) كم تناهى ذكرها |
بالدهر واسأل غوطة بعفافِ |
تحوي البساتين النضيرة حولها |
وتبث فحوى أنسها المضيافِ |
وتنير ذكرى ما تقادم جهرة |
للفكر فيها أوضح الكشَّافِ |
فدمشق تاريخ الحضارة أضرمت |
فينا اشتياق القلب والأعطافِ |
نهفو إليها نستريح بحضنها |
ونقيم فيها منتدى الآلافِ |
هبوا إليها مغرمين بأهلها |
أهل المكارم مكرمي الأضيافِ |
والجامع الأموي يبدو شامخا |
بتناسق الردهات والأكتافِ |
إيهٍ .. إليها الفاتحون تدفقوا |
من كل صوب بانطلاق وافي |
في يوم يرموك المفاخر كبروا |
بـ(النصر) كانت جانب (الأعرافِ) |
و(أبو عبيدة) والجنود و(خالد) |
كانوا رجال الحق والإنصافِ |
وتقهقر الرومان جروا خزيهم |
جرا ونالوا خيبة الإضعافِ |
واستشرفت سورْيْا الأبية عزها |
من نور ربك واهب الألطافِ |
وتبوأت أعلى المعالي قدرها |
يسمو بذروة قمة الأشرافِ |
تأبى المظالم كلها لا ترتضي |
ضيما لها من عصبة الأجلافِ |
تمضي تثور على العتاة بعزمها |
من قلبها وبمجمل الأطرافِ |
تنقض كالشهب السريعة فجأة |
نحو الغزاة بصعقة الإرجافِ |
عبر الزمان رجالها ونساؤها |
فخر العروبة في أتم تعافي |
واقرأ تواريخا لديك عديدة |
عنهم توافي أحسن الأصدافِ |
كاللؤلؤ المكنون في نهر جرى |
للفكر يهدي سلسبيل مشافي |
جودي بوصلك يا حبيبة إنني |
أشتاق فيك رقائق استلطافِ |
وأود حسنك هل أَبَحْتِ لعاشقٍ |
قبلي هواكِ المستكين الخافي ؟! |
أنا عازف الألحان جئت مغردا |
شطر الجمال بفكري الوقَّافِ |
عند الجمال مُقَدِّرا أوصافه |
ومعبّرا عن ومضهِ الخَطَّافِ |
أنت العروس تعطرت بعطورها |
بالجيد والأهداب بالإسرافِ |
بالتبر تلبس بالشذا خلخالها |
تختار أجمل لمسة لخِفافِ |
لتدوس كل مكابر ومعاند |
ومجاهر بالسوء والإجحافِ |
فيها مكامن قوة وإرادة |
في مستطاع الفعل والإشرافِ |
ولها حماةٌ مخلصون تدفقوا |
طول الزمان بصولة لخِفافِ |
ما نال منها معتدٍ أطماعه |
أو قام فيها هانئ الأوقافِ |
يرتد بالخذلان يهوي حاسرا |
يلقى الهوان بخيبة وكفافِ |
فهم الأشاوس أهل سنة (أحمد) |
طه (محمد) كامل الأوصافِ |
لا يأبهون بغاصبٍ أو سالبٍ |
أو ضارب بمعاول الإتلافِ |
مهما تطاولت السنون وأمعنت |
زمر العدو بسوءة الإسفافِ |
هم أهل شام والشوام بحكمة |
وبضاعة من أجود الأصنافِ ! |
وهم الأباة الصامدون وخصمهم |
يحيا بجبن المارق الخوَّافِ |
وهم التقاة الصابرون علومهم |
فاضت كشهد عبقري صافي |
لازلت أرجو من لدنهم نهضة |
بكياسة بتضاعف الأضعافِ |
لتحرر الجولان .. تطرد عصبة |
تحيا برجفة لعنة لضعافِ |
وتقاوم الطغيان في بهتانه |
ظن المكانَ حظيرة لخرافِ |
أعني العروبة أرضها وديارها |
وانساب بين اللحم والأصوافِ |
إني لآمل في العروبة ثورة |
عظمى تقض مضاجع الأحلافِ |
وتكون في صفو بألفتها كما |
كانت وتنهي نكبة لخلافِ |
وتعيد جولانا وقدسا مثلما |
كانا بماضي العز والإيلافِ |
ويعود زيتون الطهارة صادحا |
للتين في عصر له شفَّافِ |
يا عرس شام والعروس هي التي |
كانت لديَّ بألطف استظرافِ ! |
حتما أحبك والشواهد كلها |
تحكي محبة مغرم بـ(عفافِ) ! |
فعروسنا بالشام آن أوانها |
لتنال فرحة بهجة بزفافِ ! |