دمعت عيناها وطربت المقل للنشيج....واستفزت حرارتها الخدود....فنامت عذارى الفرح ...واستيقظت غربان سود...تحلق فوق هالات نور تضيىء عتمتنا...وتحاول إسدال سوادها على فرح بلون الورود...للظلمة والعتمة سلاح وحيد ....بسمتنا في وجه الجلاد والعتاد والرصاص وعيون القناص....يحاولون بكل الأشكال من عفن الشرق إلى جشع الغرب وأد لحظتنا الجميلة وبسمتنا المنيرة.....وإيماننا بهالة النور المجيده...سلاحنا مناغاة الأطفال ....وهتاف الرجال....وزغاريد الصبايا للأبطال وأقبل من الماضي كفارس أندلسي يمسك بقبضة يده على وجع الحاضر وينسى أنه نفس الوجع الذي أخرجه من أندلسه... ناظرا إلى وجوه أزمن الوجع فيها وملامح سمراء خطّت رمال ألصحراء عليها تاريخا مشبوه....تصفد في قيود هذيانه وبدأ يبحث في ملاحمه عمن يشبهنا ...وعمن يدفع أكثر في سوق النخاسة ليسترقنا...عن عورات استباحت وعينا....وعن شذوذ استوطن تاريخنا...قارن وجه المرحلة (بعورة أبي سفيان التي ما زالت تقبح وجه التاريخ)...وجد ما يشبهها وما يتماهى ويندمج فيها كحالة مفروضة على أمة من محيط إلى خليج....ونحن لا زلنا نئن تحت وطأة أردافه السمينة...هل نحن بقايا أمة؟...أم شراذم قبائل رضيت بعورة ولي الأمر وجها لها.....ونعلّل النّفس بأنّ عورته بعض من قداسة تاريخ ممزوج بالنفط....ولا زال فارسنا يقارن....القتل منّا وفينا والدّم المستباح دائما دمنا....ويسأل هل دمنا من النّوعية المفضلة لاراقته على أقدام أصنام الشرق وكهّان الغرب؟ هل نحن كعرب القرابين المفضلة لآلهة العالم الجديد ؟
جلس فارسنا منهكا من تساؤلاته وهواجسه تحت ظل ياسمينة دمشقيه فأنعشه عطرها واستقبل نور الشمس بابتسامة أمجاد خرجت من أعماق ألتاريخ وقبّل اللؤلؤ الهاطل من عيون حسناوات الشرق ومن حمرة خجلهن أعطى للورود لونها...وقبّل جمال اللمى الساكب لرحيق الكلمات ...كلمات قوم يستحقون جمال لغتهم وتاريخهم المجيد فاعتلى فارسنا الأندلسي حصانه منتشيا مؤمنا أنّ هذه ألامة أمة فوارس وأنّ فجرها سيضيء الوطن من مشرقه إلى مغربه... من محيط إلى خليج....هذا آخر النشيج...وبداية الفرح....وموت الخوف ...وأول الحجيج...إلى حرية تطرّز وتنسج بأجمل نسيج... خيوطها عزة وكرامة وغد مشرق بهيج.