|
مَرِيِضٌ أَنَا..جَاءَ الطَّبِيِبُ وَشَخَّصَا |
وَلا شَخْصُ يَدْرِي مَا اعْتَرَانِي لِيَفْحَصَا |
وَهَلْ يَعْرِفُ الأَغْرَابُ عِلَّةَ شَارِدٍ ؟ |
تَخَفَّى عَنِ الأَجْنَاسِ حَتَّى تَقَرْفَصَا ؟!! |
أَنَا مُذْ خُلِقْتُ الآهُ تَبْكِي بِأَدْمُعِي |
وَفِي مُقْلَتِي طَيْفُ الدُّمُوعِ تَقَمَّصَا |
وَمَا عِلَّتِي إِلاَّ تَرَاكُمِ لَوْعَةٍ |
غَفتْ فِي حَنَايَا الْقَلْبِ دَهْراً مُقَرَّصَا |
كَأَنِّي مِنَ الآلامِ عِشْتُ مُكَفَّناً |
وَقَدْ عَاشَ مَوْتِي فِي حَيَاتِي مُقَلِّصَا |
فَيَا وَجَعِي..هَلْ مِنْ عِلاجٍ لِمَارِدٍ ؟ |
تَعَوَّدَ أَنْ يَرْتَاحَ عِنْدِي وَيَرْقُصَا ؟!! |
وَهَلْ سَوْفَ يُعْطِيِنِي الطَّبِيِبُ مِنَ الدَّوَا ؟ |
إِذَا كَانَ سَقْمِي فِي الدِّمَاءِ مُخَبَّصَا ؟! |
وَأَيُّ دَوَاءٍ سَوْفَ يُشْفِي..وَحَالَتِي |
بَدَتْ فِي عُيُونِ الطِّبِّ يَأْساً مُرَخَّصَا |
أَنَا بِتُّ أَشْكُو وَالنَّحِيِبُ سَرِيِرَتِي |
وَمَا كُنْتُ أَشْكُو لِلطَّبِيِبِ تَمَلُّصَا |
لأَنِّي رَأَيْتُ الْمَوْتَ حَيّاً بِفَرْشَتِي |
فَآلَيْتُ حَقْنِي فِي الْوَرِيدِ لأَخْلُصَا |
فَأَمْسَكْتُ كَفّاً كَالزَّلازِلِ رَجْفُهَا |
وَقُلْتُ : اعطِنِيِهَا يَا طَبِيِباً تَحَرَّصَا |
إِذَا حُقْنَةُ الْمَوْتِ اسْتَرَاحَتْ بِأَضْلُعِي |
فَقَدْ يَسْتَرِيِحُ الْمَوْتُ مِنْ جَسَدٍ عَصَى |
أَنَا دَنِفٌ وَالْحُزْنُ أَثْقَلَ عِلَّتِي |
وَفِي جَسَدِي مُرُّ الدَّوَاءِ تَجَصَّصَا |
وَقَدْ حَارَ فِي أَمْرِي طَبِيِبٌ مُحَنَّكٌ |
بَدَا شَبَحاً وَالطِّبُّ خَابَ فَحَصْحَصَا |
وَأَغْلَقَ بَاباً كَانَ أَصْلاً مُرَتَّجَا |
مَضَى وَاخْتَفَى نُورُ الْبَيَاضِ فَأخْرَصَا |
وَعُدْتُ إِلَى حِضْنِي أَضُمُّ وَسَائِدِي |
وَقَدْ لَفَّنِي رِيشُ النَّعَامِ مُحَفَّصَا |
غَفَوْتُ وَفِي عَيْنِي خُدُورٌ وَرِمْشُهَا |
تَمَرَّغَ فِي دَمْعِ الذِبُولِ مُحَمَّصَا |
هُنَاكَ الْتَقَيْتُ الرُّوحَ طَيْفاً مُحَلِّقاً |
وَفِي رِعْشَةِ الأَحْلامِ طِرْتُ لأَقْنُصَا |
لَعَلِّي أَعِيشُ الْوَقْتَ فِي رِحْلَةِ الْمُنَى |
سُوَيْعَاتُ عُمْرِي قَدْ تُطَيِّبُ مُخْلِصَا |
وَإِذْ بِي عَلَى سَفْحٍ أُرَفْرِفُ جَانِحاً |
أُذِيِبُ ثُلُوجَ السَّفْحِ قُطْناً مُفَصْفَصَا |
لأَلْقَى مَلاكَ الرُّوحِ فِي حِضْنِ لَوْحَتِي |
يُلَمْلِمُ رِيشاً مِنْ جَنَاحِي مُقَصْقَصَا |
فَيَبْنِي لَنَا عُشّاً عَلَى غَيْمَةِ الْهَوَى |
وَيَحْمِلُنِي بَيْنَ الْحَنَايَا مُقَفَّصَا |
وَتَمْضِي بِنَا السَّاعَاتُ مِثْلَ دَقَائِقٍ |
وَلَكِنَّهَا دَهْرٌ لِعُمْرٍ تَلَخَّصَا |
لَعَلِّي إِذَا مَا اسْتِيْقَظَ الصُّبْحُ شَائِباً |
أَفِيِقُ وَمَاءُ الْعَيْنِ يَجْلُو مُمَحَّصَا |
لَعَلِّي أُدَاوِي عِلَّتِي مُتَأَمِّلاً |
إِذَا مَا اسْتَجَابَ الْوَعْدُ شَهْداً مُمَصْمَصَا |
وَلَكْنْ أَبَى الدَّهْرُ السَّقِيِمُ بِأَنْ أَرَى |
شُعَاعَ الأَمَانِي فِي شِفَاءٍ تَلَصَّصَا |
فَلمْ يُشْفِنِي مَا خِلْتُهُ بِسَرِيِرَتِي |
وَلا زَالَ تِرْيَاقُ الأَمَانِي مُغَصْغَصَا |
وَمَا بَيْنَ بَيْنِي وَالدِّثَارُ مُعَرْبِدٌ |
أَنَا نَاسِكٌ وَالسُّهْدُ عِنْدِي تَعَنْفَصَا |
وَيَغْرِفُ مِنْ آهَاتِيَ اللَّيْلُ حُزْنَهُ |
وَيَنْثُرُهُ جَوْفَ الظَّلامِ مُشَخَّصَا |
فَيَا لَيْتَنِي مَا تُهْتُ وَهْماً بِلَيْلَتِي |
وَهَا قَدْ تَلاشَى اللَّيْلُ صُبْحَاً فَأَبْرَصَا |
وَعُدْتُ وَمِنْ حَيْثُ ابْتَدَأْتُ بِفَرْشَتِي |
أَذُوبُ عَلَى نَفْسِي عَيَاءً مُحَرْقَصَا |