يُحكى أنّ :
ــــــــــــــــــــــــ
تقديم :
جرت العادة عند الشعوب أن قصص ( يُحكى أنّ ) تتحدث عن الأساطير والخوارق ومما لا يألفه الإنسان أو حتى لا يكون ، وذلك لغرابة جاءت بالقصة لتغير النمط اليومي للحياة الممل ، أو لخلق انتصارات يحلم بها الإنسان إذ لا يمكن تحقيقها بالواقع ،،، وهذا من جهة .
ومن أخرى ، ترجمة وتصوير حكمة ما من الصعوبة بمكان إظهارها نظرا لتعقيدات الحياة ، ولعصر السرعة الذي أجبر الإنسان على ارتضاخ القوانين والتعليمات والتوجيهات التي زادت الحياة تعقيدا أكثر من ذي قبل .
وأيضا ،،، لتوجيه رسالة أو إظهار حكمة من خلال الأسطورة ،،، ولعل العرب كانوا أعدل الناس بهذا خاصة فيما يرونه على لسان الحيوان ، وقد برعوا في ذلك وبرعوا أيضا في معرفة علم نفس المتلقي فعرفوا كيف يوصلون الرسائل ! .
لماذا ؟
لأن عرض الحدث على لسان الحيوان يميز بعدة أمور منها :
أولا : أنه يستجلب الأسماع لغرابة الخبر ،،، إذ كيف يتحدث الحصان مثلا وهو مبهم ولا يفقه ؟
ثانيا : أن الحيوان تكيّف في حياته مع الحر والبرد والنوم بالعراء والأكل كيفما اتفق طالما كان طليقا ، ولا يشكو فاقة أو يطلب أجرا .
وأنه مطواعة لا يقول لا ، بل يخضع ،،، وأنه أقدر من الإنسان في بعض التعاملات مع الحياة ، لأنه أقوى سمعا وأحدّ بصرا وأكثر شمّا ،،، وليست هذه ميزة رائعة بالكلية للحيوان ، بل جاءت لغياب العقل عنه .
ثالثا : تكبّر الإنسان على أخيه الإنسان واحتقاره ومحاربته أو تكذيبه إن جاء بخبر ما حتى وإن كان صادقا ،،، وذلك لتوارث الحقد والحسد المتأصل ،،، والمنافسة أخيرا التي تحولت إلى ضغينة في كثير من الأحيان ، فلا يقبل الإنسان التوجيه أو النصح من شخص ما إلا إذا كان قائدا أو أميرا ،،، أو أية صفة تخوله التوجيه وإظهار الحكم .
عموما
كأساطير ،،، وجد القاص حملقة العيون ، منها ما هو مريع مخيف ، ومنها ما هو يمنع الصبية من اللعب بالليل ربما كان خوفا من قصص الجن وأنهم يخطفون وما إلى ذلك ، وربما لا يريدون أن تفوتهم القصة فيسمعون ويأكلون ويشربون حتى يقطع الليل شوطا كبيرا .
ومنها ما هو ممتع جذاب ،،، ومنها ما هو واقعي سيق على سبيل الأسطورة يتخللها الزيادة والنقصان ، حسب ما يريده القاص وحسب ما تحتويه رسالته .
******
وقصتنا هنا ( يحكى أنّ ) تتحدث عن ذئب ! عاش حياته كما يريد هو مرات ،،، ومرات عديدة كما لا يريدها ، بل كما يريد السيل العرمرم جرف ما أمامه .
وهو ذئب خاض وغامر ، وقاتل وتعلم ، ومن قبل اتُّهِم .
وله صولات وجولات ، وآهات وضحكات ، وويلات وحكايات .
وهو ذئب آنس الإنسان تارة وهجره تارة ،،، وعشق وأحب ،،، ولعل أهم ما ماز به حبه هذا وحكاياته مع الجن .
لنطلع عن كثب على قصته ، فلعل بها ما يجلو الخاطر ، ويُنطق الشاعر .
وربما احتاجت إلى أجزاء لتفي بالغرض ، وذلك لأن نظرا لطولها .
هذا
والله الموفق
حسين الطلاع