|
السّجنُ كفرٌ كما الأَغلالُ كُفّارُ |
أَعمى البصيرةِ خيرَ النَّاسِ يختارُ |
والأَسرُ قبرٌ ومنْ في الأسرِ يعرفُهُ |
الموتُ يدنو وتدنو قبلَه النَّارُ |
والقيدُ منفىً فلا زوجٌ ولا ولدٌ |
غابَ الصَّديقُ وعزَّ الجاهُ والجارُ |
للهِ أَشكو إِذا يأْجوجُ قدْ فُتِحتْ |
وداهمتني معَ الأَوهامِ أَفكارُ |
حفرتُ بابًا إلى أَهلٍ سيوصلني |
عبرَ الجدارِ وظفرُ الشَّوقِ حفَّارُ |
تنامُ عيني وعينُ القلبِ مُسْهدَةٌ |
وجيشُ مأْجوجَ فَرّارٌ وكَرّارُ |
وحدي، وهذانِ حولي، ليسَ غيرُهما |
يُصغي إِليَّ، هُما والضِّيقُ سُمَّارُ |
يا صاحبيَّ، أَلا فتوى فأُدركُها؟ |
في ذاتِ رؤْيا، أَلا مُفْتٍ وبشَّارُ؟ |
إِنِّي أَراني كمنْ قدْ كانَ في نَهَرٍ |
دونَ السَّفينةِ والإِلهامُ بحَّارُ |
حتَّى صعدتُ على ظهرِ الغمامِ وما |
وجدتُ غيمًا فأنَّى ثَمَّ أَمطارُ |
ماذا تقولانِ في الأَضغاثِ تحملني |
بِلا جناحٍ وثوبُ الليلِ ستَّارُ |
إِلى هنالِكَ حيثُ العينُ شاخصةٌ |
عينُ الأَحبّةِ فيها التَّوقُ إِعصارُ |
أَهوي إِليهمْ على أَطلالِ أَفئدةٍ |
يقودُ روحِيَ إِقبالٌ وإِدبارُ |
أَخشى عليَّ إذا أصحو فقدّتُهُمُ |
فالحلمُ وهمٌ ومثلُ البحرِ غدَّارُ |
يا صاحبيَّ ومنْ لي اليومَ غيرُكما |
أَنتَ الظّلامُ وهذا التّوأَمُ الغارُ |
فلتسمعا لحديثِ الهمِّ أَسرُدهُ |
كونا النّصيرَ فما في الكونِ أَنصارُ |
قدْ تفهمانِ جنوني والضَّياعَ وقدْ |
لا تفهمانِ.. وسدُّ الصَّبرِ ينهارُ |
يا أَيُّها الغارُ قدْ ضاعَ الشَّبابُ وقدْ |
حلَّ المشيبُ وما للشِّيبِ أَعذارُ |
ليلي مُحيطٌ عظيمُ الموجِ ليسَ لهُ |
خِلٌّ وفِيٌّ وكمْ في اليمِّ أَسرارُ |
والوقتُ يجري وما في العمرِ مُتّسعٌ |
والظَّنُّ أَنَّ جيوشَ الموتِ زُوّارُ |
ويا ظلامي، صديقي رغمَ قسوتِهِ، |
فالحضنُ تُرْبٌ وإِن الصَّدرَ أَحجارُ |
هاتِ اليراعَ وأَوراقًا ومحبرةً |
واذكرْ غلاظًا على الأَجسادِ قدْ جاروا |
واكتبْ سؤالًا عنِ الأَمجادِ إِذْ فُقِدَتْ |
و سيفِ جدّي وغمدٍ لفّهُ العارُ |
سَلْ أَينَ خيلي وأَينَ العدلُ ننشدُهُ |
هلِ اشتراهُ منَ الأَسواقِ فُجَّارُ |
يا صاحبيَّ كواني اليومَ صمتُكما |
إِنَّ السّكوتَ عنِ الطُّغيانِ أَوزارُ |
لوْ تُخبراني كما في كلِّ نائرةٍ |
متى ستأَتي عنِ الآمالِ أَخبارُ |
نفسي حنانيكِ لا كرمٌ فنعصرُهُ |
وشعرُ رأْسي لِطيرِ الموتِ أَوكارُ |
حتّى الكواكبُ في أَحلامنا اندثرتْ |
والشّمسُ ولَّتْ وولَّى البدرُ والدّارُ |
وصاحباي، ودائِي منْ دوائِهما، |
هذا أَصمُّ وذا أَعشى وختّارُ |
هذانِ ويحي وقدْ خاسا بعهدهما |
وليسَ ينفعُ جرحَ الغدرِ عطّارُ |
كيفَ الضِّياءُ سيأتي دونما قمرٍ |
لا بدَّ للنّورِ أَنْ تعطيهِ أَقمارُ |
يا نفسُ مهلًا فلا يفْتِنْكِ في ختَلٍ |
شيطانُ نزغٍ، هي الأَحداثُ أَقدارُ |
وَقِي السُّقوطَ كنسرٍ عاشَ في قممٍ |
وَعِي حروفي فهُنَّ اليومَ أَحرارُ |
مذْ عهدِ يوسفَ والسَّجانُ منهمكٌ |
في قهرِ يوسفَ والأَحزانُ سُعَّارُ |
لكنَّ ربَّكِ منْ أَسرارِ حكمتِهِ |
إِنْ شاءَ تنْمُ خلالَ الصَّخرِ أَزهارُ |
لذا فقرّي عيونًا إِنْ بكتْ ذرفتْ |
جمرًا وسالتْ كما البركان أَنهارُ |
لوذي بصبرٍ فما دامتْ لمنْ سبَقوا |
والدّهرُ يومانِ إِنَّ الدَّهرَ دوَّارُ |
وذا الزَّوالُ لقيظٍ حانَ مغرِبُهُ |
صُمْتِ النَّهارَ وبعدَ الصَّومِ إِفطارُ |
والليلُ يمضي وإِنْ طالتْ دقائقُهُ |
يا ليلُ فاحذرْ جنودَ الفجرِ إِنْ ثاروا |