المنافقون........ بقلم جمعة عبد العال
إن سقوط الأمم وانحدارها وهلاكها يتم عندما تأخذ الصفات الخلقية في الفساد الذي ينشا من تغير المزاج النفسي الذي يكون أشبه بالانحطاط الخلقي, والذي يعتبر النفاق السياسي مظهرا من مظاهره.
هذا النفاق الذي يعتمد على الكذب واللؤم والمكر والخديعة والخيانة والرياء والملق والدلس, ويعتبر النظام السياسي هو المسئول مسئولية كاملة عن حالة النفاق السائدة في المجتمع, حيث يسعي النظام جاهدا بحشد طوابير الناس على مختلف مستوياتهم وراء سياساته سواء بالإقناع أو الرياء أو بالتخويف عند طريق تجنيد طوابير المتسلقين والمتنفذين والانتهازيين والمنتفعين المحسوبين على السلطة ,الذين يقومون على تدبير الحياة الاجتماعية وتشويه صورة المجتمع وتبرير الممارسات اللا أخلاقية للنظام والزمرة الحاكمة , وهؤلاء هم الذين يجيدون فنون الانبطاح والأكثر قدرة ممارسة سياسية الردح والتشدق والتلميع,سواء كانوا كتاب أو شعراء أو صحفيين أو من أصحاب العمائم وأهل الفتوى وأصحاب الأقلام الانتهازية المنافقة من أهل الشهادات الكرتونية الذين تشبعوا بثقافة الجبن والكذب والضحك على المواطن المغلوب على أمره والذي يلهث وراء رزق أولاده حتى لو كان ذلك من كابونة سياسية أو حزبية.
إن النفاق أقصر الطرق لنيل رضا الحاكم أو الحزب وذلك لتحقيق المكافآت والرواتب والمنح والوظائف والمناصب وتوظيف الأقارب والأبناء معتمدين في ذلك على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة.
أن مسح الجوخ والهز والتطبيل والردح والرقص للحاكم والإطراء والتلميع والمديح وتزيين أفعاله والإشادة بأقواله الحكيمة, والهجوم على المعارضين للحاكم وشتمهم وتخوينهم وتكفيرهم واتهامهم بالتآمر على الوطن ,هي الوظيفة الاسمي لهؤلاء الكتاب وممن يسمون أنفسهم بالشعراء والمفكرين والمحللين السياسيين.
فكم من الأوطان ضاعت, وكم من الحقائق زورت وشوهت من أجل الحصول على سيارة أو بيت أو قطعة ارض أو وظيفة مرموقة أو سفر في بعثة للحصول على شهادة من مقرات العهر العالمي.
وإلا فكيف يقبل العقل أن تمر جيوش غازية إلى بقاع العرب والمسلمين في أفغانستان والعراق وفلسطين لولا نجاح النفاق السياسي, هذه الفئات التي تقوم بأدوارها الخيانة في حق الوطن وحق المواطن.
أن النفاق ملازم للشقاق فأينما وجد النفاق وجد الشقاق وإلا بماذا نفسر الحراك الثوري الذي تشهده المجتمعات العربية .
أن هذا هو الزمن الذي تحول فيه بعض الكتاب والشعراء والمبدعين إلى حمله مباخر هدفهم تلميع صورة النظام والحزب والحكومة ,هؤلاء الأدباء الذين كان من المفروض عليهم تخفيف ويلات شعوبهم تحولوا إلى أدوات ظلم وأصبحوا صوتا في يد الاستبداد يلهبون به الشعب على ظهره متى أفاق من سباته.
أن التاريخ صفحة واحدة وان اشتمل على عدة مجلدات ,والمشاريع الكبرى لا تبلغ تمامها أذا أشرف عليها الصغار وعبيد أنفسهم وشهواتهم.
أن المنافق كالأفعي ملمسها ناعم وسمها قاتل .
وهو الذي يجعل أمورنا تسير من سيء إلي أسوأ
وما كان للنفاق أن يترعرع إلا في غياب المخلصين والأحرار والثوار من الكتاب الوطنيين الذين صمتوا إمام هؤلاء المنافيين, أن الصمت محاولة فادحة للخطأ, وعلينا أن نحارب الطواويس التي تنتظر النياشين التي يسخوا بها السلطان ,ولا بد من مصارحة الذات ومصارحة المجتمع معبرين عن حبنا لأرضنا وشعبنا ونبذ القهر والظلم.
وذلك بالعقل والإرادة لأن الإرادة هي المحرك المطور لمجري الحياة والكون والوجود,
والعقل هو الأداة الصالحة الوحيدة لأدراك حقائق الوجود والمعيار الصحيح لوضع قواعد السلوك الأخلاقي والإنساني.