غَرسةُ التوحيد
على مرافئ هذا البوحِ نَحْتَفلُ
وَمِن رؤى حَرْفِهِ للهِ نَبْتَهِلُ
جهدُ المُقلِّ إذا ما توبةٌ طلعتْ
آلاؤها، وتوارى خلفَها الزّللُ
بشارةٌ تَتَخطّى كلَّ حالكةٍ
على جبينِ سناها يُولدُ الأملُ
مُستوثِقٌ بعرى الرحمنِ ما فتئتْ
فيَّ المروءات بالآياتِ تنتقلُ
سبحانَهُ خصّنا في رحمةٍ بَسَطتْ
جناحَ حبٍّ لها في دوحِها الرُّسُلُ
فأينعتْ غَرْسَةُ التوحيدِ باسِقَةً
من نورها الرّحبِ ولّى خاسئًا هبلُ
فصادَقَ القولَ في أحلى مباهِجِهِ
على خمائِلِهِ الفيْنانةِ العَمَلُ
تباركَ اللهُ مُنشي الكونَ خالِقُهُ
ومَن تَدينُ لهُ في عيْشِها المِلَلُ
ومَن بنعمائهِ ازدانتْ مُطرّزةً
أرضُ الحجيجِ وغَطّتْ سهلَها الحُلَلُ
ومَن به الخيرُ عمَّ الأرضَ قاطِبَةً
وسادَةُ القومِ في توحيْدِهمْ كملوا
لِمُلكِهِ دانتِ الأربابُ صاغرةً
وأسْبَلَت دمعّها في حُبِّهِ المُقَلُ
وألبَسَت رَملَها الصحراءُ في دعةٍ
بردًا بكلِّ بهاءِ الكونِ يغتَسلُ
وباتَتِ الأمةُ الكانَتْ بلا مُثُلٍ
تزهو، وَيُضربُ في أخلاقِها المَثَلُ
وأزهَرتْ يانعاتُ الأرضِ مورقةً
في كلِّ يومٍ بها الآياتُ تَكتَملُ
وأدبرَ المارِدُ الشيْطانُ خاسئةً
جُموعُهُ ما لَها عَن خزيها بدلُ
وأقبلَتْ صافِناتُ الخيْلِ حاملَةً
فوارسًا في هداها الجرحُ يَنْدَمِلُ
ورفرفتْ رايَةُ التوحيدِ عاليَةً
يُمَجّدُ الحقَّ فيْها الفارِسُ البطلُ
فانجابَ ليلُ العمى عن أمّةٍ بطرتْ
فيْها الحياةُ، وغطّى عيْشَها الدَّجَلُ
وأسْفَرتْ من خيامِ البؤسِ ساطِعَةً
شمسٌ تَنَوّرَ منها السَّهلُ، والجبلُ
ومن قلوبِ الرّجالِ الصادقينَ علتْ
راياتُ فتحٍ لها قد دانتِ الدّولُ
واليومَ في غُربَةِ التوحيْدِ أمَّتُنا
في كلِّ صقعٍ بها النيرانُ تَشْتَعلُ
خُرافةُ الدّينِ أمْسَتْ في تَحضُّرنا
أُنشودةً يَتغنّى باسمها الخَولُ
شَعائِرًا قد أقَمناها مُنَمَّقَةً
في كلِّ حينٍ عليْها ثمَّ نَتّكِلُ
دستورُ أمّتِنا القرآنُ وا أسفي
أمْسَتْ تعاليْمُهُ نهْبًا لِمَنْ جهلوا
باسمِ الجهادِ ركِبْنا كلَّ مَفْخَرَةٍ
وباسمهِ اليومَ بالتضليلِ نَقتَتِلُ
أسلافُنا عَمَّروا الدّنيا بِمنْهَجِهِمْ
فهَلْ تُعادُ بنا أسْلافُنا الأوَلُ؟
وَهَلْ سَنَفرحُ بالتوحيدِ في زَمَنٍ
شَطَتْ بأمَتنا في غَيِّهِ السُّبُلُ