أشرعتي ألِفتْها ذاكرة التاريخ منذ بدأت مفرداته تنسج ملامحَ وخليطاً بين حنين إلى الوطن وقصيدة الحبيب المفقود.
تأبى إلا أن تمضي بأيقوتنها تتعبّد في محراب الجبال والسهول..
على نغمات الميجانا والعتابا.. تتبعثر النجمات لتبتلّ عروقي بتراتيل ناسك يصبّ زيته المقدس في مذبح العمر.
أغنيتي..أصبحت عزفاً بلا أوتار، وقلبا بلا شرايين.
في حيفا ركعت وصليت على سفوح الكرمل أنسج حكايات الصابرين إلى لقاء يجمعنا في سهول الجليل.
إن غفت ضلوعي حزنا على جباليا ، يستفيق الألم لذكرى نوارس ترفرف على شطآن التمنّي.
شقائق النعمان أينعت من دماء أهلينا، وما ارتوت قرابين الغاصبين.
حان الوقت لتروي قطرات الندى حكاياتٍ ترويها لأجيال من قهر الحواري، وطريق الآلام يشهد أننا هنا باقون.
التمس آثار أقوامٍ شاقهم العناء، ومن آثاري أشكّل من العبرات عبر.!
أفجّر من لهاث الصمت ترانيم الفقراء ودعوات الثكالى، وأشيّعها مروج الزهور..
أحمل فوق كتفيّ تاريخ النكبات والويلات، وفي ذاكرتي وهن أمّة.
وما هنتُ يوماً وبراءة العيون ترنو إلى بيت المقدس.. لك البشرى إلى يوم الدين.. ولنا البشرى في زمن هزائم أوجعت صمودنا ، فبتنا نلهث بحثاً عن مأوى..
ويصحو "غراب" على صدى جماجم الأطفال ، فيبكي قابيل هابيل..
توهّج القلب حسرات، وشاخت الرياح على شظايا غضب ما زلت أزرعه ليضمد جراح المشردين.
رحماك ربي.. أين المفر والصور تجمع في مراياي بقايا ما تركته في وطني.
قصائد مشبعة بالألم تسلقت ذرى القمر في ليلة بدر، رحت أجوب البلاد طائراً مهيض الجناح ، ألعن الغربة وأنبض باسمك يا أحلى وطن.
إن وهبوا لي جنان العالمين بديلا ما ارتضيت، ولن أكون إلا صهوة لركبان الصمود.
أبقني صامدة يا ساعات الوقت..
كي أعود إلى مرتع صباي في بلاد الزيتون والتين ...
ربما يضمني حلمي ... فأخلع من ذاكرتي شتاتي..
وأغنّي من جديد..