الغربةُ والهمّ
بقلم / ربيع بن المدني السملالي
في خِضَمّ بحر هائج من الهموم والغموم والأحزان ،
حيث تهبّ رياحُ الصّمت القاتل
في هذه الوحدة المضنية واللّيل الطّويل
بما لا تشتهي نفسه التي ألِفَتْ ضجيج وضوضاء العائلة والأصدقاء ..
بدأ أبو مرام يعيد شريطَ ذِكرياتِ تلك الأيام الرّمضانية الذّاهبة
التي قضاها بقرب أمّه وزوجه وابنته الصّغيرة ،
والتي مرّت كوميض برق لاح في الأفق فجأةً ..
ليجدَ نفسَه غريبا وحيدًا منقطعا عن عالمه ..
إنّه يذكر كلّ شيء الآن وهو مُنْزَوٍ في غربته القَاتمة وغرفته السّوداوية ..
يذكر أمّه وهي على سجّادتها تصلي قاعدةً
ثمّ يذكر عندما ودّعها وهي تدعو له والعَبَرات تسكب على وجنتيها بدون انقطاع ،
ويذكر ابنته الصّغيرة التي زارت الدّنيا منذ عام
وهي تضحك له ببراءة الملائكة
وتتعلّق بأهدابه ولا تفهم من هذا الرّحيل الصّعب شيئاً ..
يحاول عبثا قراءة لغة أعينها الجميلة وهي ترنو إليه بكليتها ..
ويذكر زوجَه وهي تعانقه عناقًا حارّا وقد علا وجهُها البؤس والشّقاء ،
لقد تبدّدت تلك الابتسامة الهادئة التي كانت تُرسمُ على شفتيها وهي تجاذبه أطراف الحديث في الأيّام الخوالي ...
يا ألله أمن أجل لُعَاعَة من الدّنيا يَترك أهله وأحبابه وأصحابَه ويَقبعُ تحت رحمة (( أوربا )) يقاسي ويُعاني بصمتٍ كصمتِ أصحاب القبور ..
كتبتُ هذه القّصة القصيرة في ( عصارة أفكار وخواطر ) فعنّ لي أن أنشرها مستقلة هنا ..