عبّاد الشمعرسالة من عبّاد الشمع إلى القائد الفاتح قتيبة ابن مسلم الباهلي:
فَخَامَةَ المُنَاضِلِ قتَيبَةَ بنَ البَاهِلِي تَحِيّةً طَيِّبَةً مَحْفُوفَةً بِوَابِلِ مِنْ خَيْمَتِي أَبْعَثُهَا عَبْرَ البَرِيدِ العَاجِلِ حَاوَلْتُ أَن أُرْسِلَهَا فِي مَوقِعِ التّوَاصُلِ لَكِنْ – وَهَذَا حَالُنا – تَحْتَ الظّلامِ الكَامِلِ فَكَهْرَباءُ بَيْتِنا نَاشِزَةٌ عَنْ "كابِلِي" وَخِدْمَةُ "النِّتِّ" هُنَا تَزْحَفُ فِي تَثَاقُلِ والشّمْعُ فَاتُوْرَتُهُ يَئِنُّ مِنْها كاهِلِي والمَاءُ مَا أَدْرَاكَ مَا .. وَمَا أَنَا بِهَازِلِ فَمِنْ دَوَاعِي تَرَفِي إنْ مَرّ فِي جَدَاوِلِي والغَازُ والبِنْزِينُ قَدْ غَابَا عَنِ التّدَاوُلِ والأُمْنِيَاتُ انْكَمَشَتْ فِي مَوْسِمِ التّفَاؤُلِ والحَالُ فِي تَدَهْوُرٍ والعَدُّ بِالتّنَازُلِي عُذْراً إِذَا أزْعَجْتُكُمْ بهَذِهِ المَقَاوِلِ فَلَمْ أُبَالِغْ أَبَداً فِي الشَّتْمِ والتَّطَّاوُلِ وَلَسْتُ أَعْنِي أَحَداً مِنْ سَادَةِ القَبَائِلِ وَهَذِهِ ثَورَتُكُمْ لَكُمْ وَلِي مَشَاكِلِي وإِنَّمَا أَقُولُهَا ذِكْرَى لِكُلّ عَاقِلِ هَذَا الخَيَارُ فَادِحٌ وَفَادِحٌ تَسَاؤُلِي لأَنَّهَا مَا وُلِدَتْ إِلا لِتَحْيَا دَاخِلِي لو عطّلوا حنجرتي أوصادروا أناملي فلن أبيعَ ثورتي بأيّ سعرٍ حاصل إن لم تكن باقيةً معي فلا بقاءَ لي وَبَعْدُ أَمّا بَعْدُ يَا فَخَامَةَ المُنَاضِلِ فَهَذِهِ رِسَالَةٌ مَفْتُوحَةُ التّنَاوُلِ مَكْتُوبَةٌ بأدْمُعِ الأَيْتَامِ والأَرَامِلِ مِنْ شَاعِرٍ مُشَاكِسٍ فِي زَمَنٍ مُجَامِلِ رَمَتْ بِهِ أَقْدَارُهُ فِي آخِرِ الأَوَائِلِ وَأَنّ هَذَا وَطَنٌ يعُومُ في القَلاقِلِ يَبْحَثُ عَنْ مُزَايِدٍ يَبيْعُهُ بِالآجِلِ دَلّتْ عَلَى مَصْرَعِهِ خُطُوطُ كَفِّ القَاتِلِ وَاخْتَلَطَتْ أَوْرَاقُهُ فِي غَمْرَةِ التّوَاكُلِ فَهَالِكٌ بِمَالِكٍ وَحَابِلٌ بِنَابِلِ وَصَالِحٌ بِطَالِحٍ وَطَالِعٌ بِنَازِلِ إِنْسَانُهُ يَعِيْشُ فِي "جُحْرِ الحِمَارِ الدّاخِلِي" وَظَهْرُهُ مَطِيّةٌ لِكُلِّ وَغْدٍ سَافِلِ وأَنّ هَذِي أُمّةٌ تُقَادُ بِالسّلاسِلِ وَثَوْرَةٌ تَعَطّلَتْ فِي مَفْرَقِ التّخَاذُلِ تَمَخّضَتْ بأَزْمَةٍ وَقَائِدٍ مُقَاوِلِ وَخِطّةٍ سِرِّيّةٍ تَغِيبُ فِي مَفَاصِلِي وَأَنّ هَذَا حَاكِمٌ حِكْمَتُهُ فِي الكَاحِلِ وَأَنّ مِنْ آيَاتِهِ بَلْ آيَةُ المَهَازِلِ قَالَ لِقَوْمِهِ : ارْحَلُوا ! فَمَا أَنَا بِرَاحِلِ ! وَلَمْ يَزَلْ مَنْطِقُهُ رُغْمَ الدّمَارِ الحَاصِلِ لا صَوْتَ يَعْلُو فَوقَ صَوتِ النّارِ وَالقَنَابِلِ وَأَنّ مَا يَدْعُونَهُ حُكْمَ الوِفَاقِ الشّامِلِ تَوْلِيفَةٌ مُدْهِشَةٌ مِن الحَشِيشِ الجَاهِلِي أَبْطَالُهَا العَمْيَاءُ أُسْطُوريّةُ التَّنَاسُلِ نَكْهَتُهَا فَاخِرَةٌ بِالمِلْحِ وَالتّوَابِلِ وَأَنّهَا حُكُومَةٌ قَامَتْ بِغَيرِ طَائِلِ مُتَبَّرٌ تَألِيفُهَا وَبَاطِلٌ فِي بَاطِلِ بَدَتْ بِوَجْهٍ كَالِحٍ وَهَيْكَلٍ "مُنَاصَلِ" غَسِيلُهَا مُعَلّقٌ فِي أَسْوَأِ المَحَافِلِ يَا سَيِّدِي مَعْذِرَةً أَسْرَفْتُ فِي تَفَاؤُلِي ظَنَنْتُ أَنَّ هَذِهِ اسْتِرَاحَةُ المُقَاتِلِ لَكنَّهَا مَرْحَلةٌ كَسَائِرِ المَرَاحِلِ فَهَل لَهَا مِنْ فُرْصَةٍ أُخْرَى لِشَوْطٍ فَاصِلِ ؟؟؟؟ أَمْ يَا تُرَى سَتَكْتَفِي بِنُقْطَةِ التَّعَادُلِ؟؟؟؟؟؟؟؟
صنعاء – 24 ديسمبر 2011م