سمعت قصةً مرةً عن أعرابيٍ بدوي، طُلِب منه أن يقرأ لميت فوق قبره ساعة دفنه ولما جاء الليل أقبل الميت في المنام على ولده مستبشرًا مرتديًا ثيابًا ناصعة البياض وطلب من ولده أن يشكر ذلك البدوي على ما فعل في المقبرة.. خرج الشاب يبحث عنه حتى وجده وألزمه تحت الإلحاح أن يذكر ما قال هناك ... فأجاب البدوي البسيط شبه الأمي : والله ما قلت إلا ... يا رب لو كان هذا ضيفي لذبحت له جزورًا وأنت أنت الكريم فافعل ما ترى ... أبكتني بحرقةٍ هذه القصة ذات ليلةٍ فكتبت :
مولاي
مَولَايَ .. يا ذا الجُودِ منكَ ورِثْتُهُ
طَبْعاً ..عَشِقْتُ مِن الخِصالِ الجُودا
فَإِذَا انْتَــحَانِيَ زَائـِـــــرٌ أَكْـــرَمْـتُـهُ
لَم يَلْقَ مِنِّي المُسْـــتَجِيرُ صُــــدودَا
بَذْلُ القِـــرى للضَّيفِ مُلهبُ نشوتي
وَلَأَنْـــتَ أَعْلَـــمُ مَا الْتــزَمْتُ حُدودا
وَلَـما ابْتَــغَيْــتُ إِذا وَهَبْـــتُ مُقابِــلاً
تَأْبَـــى النُّفُـــوسُ الوَاهِبَــاتُ رُدودا
وَغداً إِذا أَمسَــــيْـتُ ضَـيْـفكَ مُثْــقَلَاً
يا ذَا الجَـــــلَالِ بِمَرْقـــدي مَلْحُـودا
وَانْفضَّ جَـمْعُ عَشِيْرَتي عَنّي ومَا
بَقِيَ الصَّحَابَةُ فِـــي الجِوَارِ حُشُودَا
وتقاطَرَتْ صُحفُ الذُّنوبِ شَهيدةً
تتْرى .وهـلَّ الكاتبــــون شُهُـــودا
وتَلعْثمَتْ رجفــــاءُ تلْحــنُ حُجَّتي
وعَدِمْتُ فِي لُجَـــجِ الظــــلامِ رُدُودا
فِإِذَا ارْتَجَيْتُ فَلَيــــسَ عَبْدَاً مُنْجِدِي
حاشاكَ .. أســـــألُ في حِماكَ عَبيدا
إنْ ضاقَ بِي رَمْسي فبابُكَ مَقْصَدِي
إنِّي اسْتَجَرْتُ نصيـريَ المَعْبـــودا