ليت في السحر رحمة !!! .
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
قال الذئب : ويحك يا حسين ،،، بماذا أرسلت إليك الملكة ؟
قلت : برسالة .
قال : وما نصّها ؟
قلت : قالت بإيجاز ( أنها غاضبة ) ! .
قال : ومم ؟
قلت : ذاك في طي فؤادها .
قال : علمت أن الملكات ،،، إن نظرن سحرن ،،، وإن صددن فتكن ،،، وإن غضبن قتلن !! .
فانظر يا يرحمك الله أين أنت منها .
قلت : ماذا تقول !!! هل تريد أن تخلع قلبي وتخوي فؤادي ؟
قال : لا والله يا صاحبي ،،، ولكنها حقيقتهن .
قلت : فماذا ترى يا أبا سرحان ؟
قال : أن تطير إليها ،،، وتقدم لنفسك ما يُنجيها ،،، لعل الغضب يستحيل إلى رَمَق .
قلت : هو ما أشرت به .
ولكن ،،، كيف وبيني وبينها بَوْن[1] شاسع ؟
قال بعد أن تبسّم : أحملك إليها .
قلت : لا حرمني الله منك يا ذئب ،،، هيا بنا .
ثم طار بي كأني أسبق الشُهُب ، حتى وقفت بنا عصا التسيار في ملكوت أجدبت منه الأرض ،،، وحِسان يتراشقن ضحكات كأنها وقع النغم .
فنظرت إلى الذئب وقلت : ويحك ،،، في أية أرض من الأرضين نحن ؟
قال : نحن الآن في حمى الملكة ،،، وإن ما ترى من الحسان أمامك ينم عن تاج وصولجان ،،، وقوة وسلطان .
قلت : وأين الملكة ؟
قال : لعلها تلك النائمة في مخدعها .
فاقتربت منها كأسير قاده القيد ،،، وكمحكوم ساقه الحكم ،،، وكمسحور أذعنه السحر .
فتأملتها تأملا ،،، وإذا بها نائمة على بطنها وقد وضعت قدما على قدم ،،، وضاع الجمال ما بين بضّ وثوب ،،، والشعر راح يداعب خدا أسلم للحسن نفسه .
رحماكِ ملكتي ،،، أنّى لهذا الجمال أن يبعث غضبا ،،، وأنّى لتلك العين أن تنظر شزرا ،،، والله لا يليق بهذا البدن إلا أن يُحمل بين ذراعين ويستأثر به رجل ،،، رجل وافَتْه المعاني فوَجَدتْه كما تحب ،،، وتلقاها برجولة فأودعها النفس فكانت خير مستودع .
فتحركتْ قليلا فانكشف جانبا من كتفها كفضة سُكِبت في عاتق فبدت كتفا يميز ويرتج ويقول : دونك الحسن فشم ريحه وقبّله .
فهمّت حماقة الإقدام تدفعني ، لولا أن الذئب تداركني بقوله : ويحك ،،، إنها الملكة .
فقفلتُ متراجعا .
ثم بدأ ينسلخ عنها سلطان النوم فتيقّظت ،،، ثم جلستْ ،،، فأمرتْ بماء وغسلت وجهها .
ثم قامت تخطو نحوي وقالت : أنت الحسين ؟
قلت : نعم أيتها الملكة .
قالت : ما خبر بلغني عنك ؟
بلعت ريقي وقلت : وما ذاك مولاتي ؟
قالت : كتبت إليك بأمر قد سلف ،،، ثم ضَرَبْتَ عنه صفحا .
قلت : كسر الله عظمي إن ضربتُ عنه صفحا ،،، غير أنه لم يصلني .
قالت : أخشى أنك تكذب ،،، ولكن صِرْ هناك حتى أنظر في شأنك .
قلت : أين ؟
قالت : هناك ،،، على ذلك الكرسي .
فاقترب الذئب مني وقال : أرى الغرور كما أرى التاج ! وقد تعاضدا في شخصها كملكة .
قلت : وكم أحب المغرورة يا ذئب !!! .
قال بتعجب : هاه !!! .
قلت : كم وددت أن أشد يديها خلف ظهرها وبيدي الأخرى أرفع حنكها أمام وجهي ، ثم أقترب منها حتى يلمس أنفي أنفها .
قال : وماذا ؟
قلت : حتى تُنهك رجولتي أنوثتها ،،، ثم تقول وقد أسلمت نفسها أنوثتها ( اسقني فقد أجدب مني جانب ) .
قال : ويحك ،،، إنها الملكة ! .
قلت : إنها أنثاي وحدي ،،، وسيّان ملكة كانت أم أمَة .
قال : وهل تعلم الملكة ذلك ؟
قلت : تعلم ماذا ؟
قال : أنك تقول أنها أنثاك ؟
قلت : لا
ثم بعد فترة جاءت الملكة ،،، وقالت : بعد أن أدرنا قِداح الرأي ،،، وجدت مشورة راقتني ممن استوزرتهم .
قلت : وما هي ؟
قالت : أنك آثم ،،، حتى وإن لم يصلك الكتاب ! .
قلت : وكيف آثمُ ولم يصل ؟؟!! .
قالت : هو كذلك !!! وهو من لدنّي صادر !!! وهو عليك واقع !!! .
إذ ينبغي أن تبتدرني ، حتى وإن لم أبعث إليك ! .
قلت : يال العجب أيتها الملكة ! .
قالت : وقد حكمت عليك أن تدخل السجن .
قلت : رحماكِ مولاتي ، لا طاقة لي بالسجن .
قالت بعد أن رقّت قليلا : استرضني إذن ؟
قلت : أفعل .
ثم أدبرت ووقفت أمامي وقد تدلى شعرها بحَلَكِه كأنه السلاسل ،،، وراعني حسن تقاطيع الجسد ،،، فاقتربت منها وقلت : ملكتي ؟
قالت : ماذا ؟
قلت : أتوب إليكِ مولاتي .
قالت : قرّب قربانا تدرأ به غضبي .
فاقتربت منها ومسحت شعرها بيدي ،،، ثم أزحته قليلا عن عاتقها وتأمّلت حسن الكتف ورونق العضد .
ثم أدارت نفسها ونظرت إليّ ،،، فمسكتُ يدها وقبلتها واحدة وثانية وثالثة .
فقالت : ما هذا !!! هل عزّت القرابين ؟؟؟!!! ثم أدبرت مغاضبة وهمّت بالسير ،،، فتَبِعَتْها خُطاي حتى مسكتُها فتوقّفتْ ،،، فوضعت يديّ على كتفيها ، وصرت أقترب منها حتى لمس صدري ظهرها ،،، ثم شددتها حتى رفعت حنكها كأنها تنظر إلى المشرق .
فقلت لها وفمي يؤول من أذنها : مولاتي ؟
قالت : نعم .
قلت : ملكتي ؟
قالت : نعم .
قلت : ماذا أقول لكِ ؟
قالت وصدرها يمد ويجزر لفرط شهيقها وزفيرها : أنا ...
قلت : أنتِ ماذا ؟
قالت : لا شيء .
قلت : أريد أن أقول شيئا ،،، فهل تقبلينه ؟
قالت : قل .
قلت : أحبكِ .
فأدارت نفسها ووجنتها ترشح عرقا ،،، وشفتها ترعد كأنها في البرد الشديد .
ثم قلت أيضا : وأحبكِ .
قالت : وماذا تحب فيّ ؟
قلت : روحكِ ،،، وأحب ريحكِ وعرقكِ ،،، ولباسكِ وتاجكِ ،،، وأحب هوائكِ وأرضكِ وسمائكِ ،،، وأحب اسمكِ فلطالما كتبته ونحته في قلبي .
وأحب عينكِ وحاجبكِ ،،، وأحب جبينكِ ووطفكِ ،،، وخدّكِ وأسيلكِ .
وأحب بدنكِ هذا .
قالت : وماذا ؟
قلت : وأحبّكِ .
قالت : امكث حتى أرى فيك رأيي .
قلت : مكثتُ مولاتي بما يكفي .
قالت : امكث إلى الغد .
قلت : لا بأس ،،، فهل لي أن أقبل يدكِ قبل أن أذهب إلى ذئبي ؟؟؟
مدّت يدها وقالت : خذ يد ملكتك وقبلها كيفما تشاء .
ففعلتُ .
ثم يممتُ شطر الذئب ،،، فقال : ويحك ،،، مذ متى وأنت تحبها ؟
قلت : منذ عشرة آلاف سنة .
تعجب وقال : وهل يعقل هذا !!؟؟ .
قلت : منذ كنتُ صهارة في صهارة ،،، والصهارة تموج في صهارة ،،، في غابر من الزمن سحيق .
قال : هاه !!!!! وهي ؟
قلت : وكذلك هي .
ــــــــــــ انتهى ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
حسين الطلاع
20/ 8/ 2010
المملكة العربية السعودية - الجبيل
[1] البون هو المسافة البعيدة المدى .