رحم الله الخنساء ، تماضر بنت الشّريد السلمية :
يُؤرّقُني التّذَكّرُ حينَ أُمْسي ... فأُصْبحُ قد بُليتُ بفرْطِ نُكْسِ
على صَخْرٍ، وأيُّ فتًى كصَخْرٍ ... ليَوْمِ كَريهَة ٍ وطِعانِ خِلْسِ
وللخصمِ الألدِّ اذا تعدَّى ... ليأخُذَ حَقّ مَظْلُومٍ بقِنسِ
فلمْ أرَ مثلهُ رزءًا لجنٍ ... ولم أرَ مِثْلَهُ رُزْءاً لإنْسِ
أشدَّ على صروفِ الدَّهرِ أيداً ... وأفْصَلَ في الخُطوبِ بغَيرِ لَبسِ
وضيفٍ طارقٍ أو مستجيرٍ ... يروَّعُ قلبهُ منْ كلِّ جرسِ
فأكرمهُ وآمنهُ فأمسى ... خلياً بالهُ منْ كلِّ بؤسِ
يُذَكّرُني طُلُوعُ الشمسِ صَخراً ... وأذكرُهُ لكلّ غُروبِ شَمْسِ
ولَوْلا كَثرَة ُ الباكينَ حَوْلي ... على إخوانهمْ لقتلتُ نفسي
ولكنْ لا أزالُ أرى عجولاً ... وباكيَة ً تَنوحُ ليَوْمِ نَحْسِ
أراها والهاً تَبكي أخاها ... عشيَّة َ رزئهِ أوْ غبَّ أمسِ
وما يَبكونَ مثلَ أخي ولكِنْ ... أعزّي النَّفسَ عنهُ بالتَّأسي
فلا واللهِ لا أنساكَ حتَّى ... أفارقَ مهجتي ويشقَّ رمسي
فقَدْ وَدّعْتُ يوْمَ فِرَاقِ صَخْرٍ ... أبي حَسّانَ لَذّاتي وأُنْسِي
فيا لهفي عليهِ ولهفَ اُمّي ... أيصبحُ في الضَّريحِ وفيهِ يمسي
الدّيوان ص 63 .64