لم يسمع منه أحد كلمة تنم عن كراهية أو حقد أو شكوى.. وديعا ومرحا هو عمر.. أحد الأجراء الذين لا يملكون سوى عرقهم، يعمل في الحقول باليوم أو بالشهر أو بالسنة. في الصباح يزرع أرض النخيل التي لا يملكها، ولا يحلم بامتلاكها، وفي الليل ينام في بيت صاحب أرض أخرى.. فوق السطح صيفا، وفي مخزن الأعلاف شتاء.. على ذمته أختا أرملة بثلاثة أبناء، وسجادة بألوان مختفية، وفأسا للحرث ودفا ينقر عليه بأصابعه في الأفراح.
أحيانا يجد من يقول له ساخرا: "كل الفتيات الجميلات تزوجن يا عمر.. متى يكون لك بيت؟ سوف ينتهي عمرك قبل أن تجمع ثمن البيت..!"
يرد ضاحكا: "على الأقل سيكون معي ما أشتري به قبرا لا يدفن فيه غيري".