في إحترام الذات
يعتقد البعض أن اللغة الإنجليزية و التحدث بها تجعل منهم أناساً مميزين ، ما أستطيع قوله هنا أننا نتعلم اللغة الإنجليزية كونها لغة المال و الأعمال ، ولن تجعل منا أناساً متحضرين إلا بمقدار ما نمتلك نحن من حضارة. و حضارتنا تنبع من إحترامنا لذاتنا ، ولا يحترم ذاته من لايحترم لغته.
قلبت الأمر كثيراً لعلي أجد مدخلاً لأعرف ما هو سبب انقيادنا للغة الإنجليزية، و في الحقيقة أن ذلك التفكير أودى بكثير من الوقت لأغراض البحث و التوصل إلى النتيجة، و ما أثار غضبي فعلاً هو إجابة تلقيتها من أحد الطلاب الذي يدرس الأدب الإنجليزي في إحدى الجامعات في الأردن، حيث أنه سخر من اللغة العربية ( و إن كان هو و ليس أنا من يحمل إسماً لقبيلة عريقة من قبائل العرب).
و كان لي أن بدأت أفكر في أمر اللغة العربية إن تركنا زميلي في الجامعة على ما قاله لي دون متابعة و مناقشة لما توصل إليه من علم غزير عصى على فهمي، أدى به ليهزأ باللغة العربية، ولا أدري إن كان يقصد أن يهزأ بنفسه على سبيل الدعابة أو أكثر من ذلك أو أقل قليلاً. مما جعلني أعتقد أنه وفي يوم من الأيام غير بعيد ستصدر هذه المجلة أو مثلها باللغة الإنجليزية أو الفرنسية لعله هو و أمثاله يرضون و يسعدون بالتقدم العلمي الذي قد يحدث.
تركته ولم أناقشه في الأمر، بل إكتفيت بالنظر إليه يومها بما يليق بقوله، لكن و لغاية اليوم لازلت أفكر و أقدح زناد فكري و أتسائل عن الأسباب التي أدت به ليقول ما يقول؟؟ لم أجد جواباً سوى أننا نرى كتباً مترجمة لا تسعدنا قراءتها ، كأن هذه الإمة لم تلد عادل زعيتر الذي نقل إلى العربية و بأسلوب ممييز الكثير من الكتب التي صدرت باللغة الفرنسية.
إن التمييز لا يتحقق إلا إذا كان من يتقن الإنجليزية فعلا قد أتقن لغة قومه، و نحن هنا نتحدث عن اللغة العربية، و هذا الإتقان لن يتحقق إلا إذا زرعنا حب اللغة العربية في نفوس بناتنا و أبناءنا، وقدمنا لهم اللغة العربية بأسلوب قوي و سهل ليسعدوا ليس فقط بتعلمها و إنما لتكون لهم متعة استخدامها في حياتهم اليومية.
لم أجد في كتاب عصرنا هذا من إستطاع أن يلهب في نفوس القراء حب القراءة باللغة العربية سوى الكاتبة أحلام مستغانمي، و إن كانت تراجم الأستاذ زعيتر قد أسعدت الكثيرين في القرن الماضي ولازلت تسعدني قراءة ما نقل إلى العربية، فإنني أنظر بعيني الأمل إلى أبناء الأمة العربية و أبناء الأردن على وجه الخصوص آملا أن أرى بينهم من يحرك الهمم، للقراءة باللغة العربية. القراءة عبر لغة فيها من غزير المعاني ما يجعلني أستمتع في كل كلمة جديدة أتعلمها من اللغة العربية أضعاف ما أستمتع به حين أتعلم كلمة من غيرها من اللغات الحية.
باسم سعيد خورما