|
...وإنْ نَأى ، فهل الأصقاعُ تُبْرئُهُ |
هيهات والشوقُ شَعْثُ الشملِ منشؤهُ |
في سُمرة العينِ من ألوانِ حنطتِها |
طيفٌ يُثيرُ الجوى جرحاً وينكؤهُ |
هذا المُحيّا إهابُ العشقِ ملبسُهُ |
أنّى يروحُ،فكيف العينُ تُخطئهُ |
كم هيّجَ الشوقُ سيلاً ملْءَ مقلتِه |
والهُدْبُ خوفاً من الواشينَ يدرؤهُ |
وتلك صورتُها تُغري تلفُّتَهُ |
بل تلك صورتُها إن شئتَ بؤبؤهُ |
في وجهِها أنبياءُ اللهِ قد رُسموا |
لا ينمحي الرسمُ والآياتُ تُنْبئهُ |
وأبجديّتُه من حرفِها انبثقت |
فليس غيرَ اسمِها اِسمٌ يهجّئهُ |
ما بدّلوا نكهةً فيها ورائحةً |
فتلك أنفاسُها الفيحاءُ تملؤهُ |
أو قصّروا شَعرَها أو لونَ حِنّتِها |
وما استطاعوا وزيتُ الطورِ يُربئهُ |
وكم على نخلةِ العشاقِ قد صلبوا |
صبّاً على جِذعِها يحلو توكُّؤهُ |
وكم رموهُ من البهتانِ واتهموا |
وأصلُ تهمتِهم شرعاً يبَرّئهُ |
محرَّمٌ حبُّها في غيرِ شِرعتِه |
هم كفّروه وعينُ الحقِّ مبدؤهُ |
فإن يعدّوا هواه محضَ زندقةٍ |
فحسبُه مصحفٌ في الليلِ يقرؤهُ |
يا جرحَ يوسفَ من جُبٍّ لإخوتِه |
ما عادَ شيءٌ من الإخوانِ يفجؤهُ |
كم سيّجوا لَغَماً في وجهِ عودتِه |
والحلمُ يعبرُ والألغامُ تُخطئهُ |
كالسنديانِ تطولُ الغيمَ هامتُه |
وفي الثرى وعميق الصخرِ موطئهُ |
ما شيّدوا هيئةً من أجلِ سلوتِه |
إلا وقلبٌ على الذكرى يهيئهُ |
يا عاشقاً لاجئاً منفاهُ يلفظُه |
إن شرّدوه فكهفُ اللهِ ملجؤهُ |
إن يحرقوا سِفرَه في باطلٍ خَرِفٍ |
فعهدُه قادمٌ بالحقِّ يُطفئهُ |
حتمٌ هو الوصلُ ما ارتابت جوانحُه |
بموعدٍ ربما الأيامُ تُرجئه |
فلْيحرِفوا برياحِ البحرِ بوصلةً |
مَرجانُ بحركِ يَهديه ولؤلؤهُ |
غداً ذراعُكِ من شوقٍ تطوّقُه |
وحضنُ محبوبةِ الملاّحِ مرفؤهُ. |