غناء عين، ورفة حاجب على ورقٍ أسود ..
ليلٌ أول /
أُنجبتُ من الريحِ قَطرات ندى بعد اغتصابي لمجموعةِ غُيومٍ شِمالية كانت تتجه نحو نافذتها الوردية,
التصقتُ بحبةِ مطرٍ هابطة,
بقدمَيِّ عصفور شَتوي لا يدفعني هواه الى أسفل,
تَعلّقت بطرفِ نايٍ خشبي,
بأملٍ جديد يحملني اليها
بحبلٍ سُري،
لكن سحابة رمادية أدركت لعبتي, فأطلقت رعدها، ثم هوت .
فضاء /
عين الحلم اليُمنى تُغمض عندما يُعري الهواء ساقكِ اليسرى
وعينايَّ الواسعتان كبحرٍ
الضيقتان مثل ممرٍ طويل
تنظر نحوكِ بشغف .
نهارٌ آخر /
لأني لم أحلم بمفاجئة
تَذكرتُ لون عينيكِ
وامتلأتُ باكتمالِ وجه الصباح .
قرب البئر- عند حدود السماء
لمحتكِ تمسحين جرس الكنيسة بمعطفٍ أزرق
تُقبلين طفلاً عانقته السكينة
في ليلة عيد على باب المسجد المقدس .
قرب البئر
ضوء خفيف يتسلل بين جدائلكِ
راقصاً مثل ألوان قوس قزح
في اتساع الرقعة مع حبات المطر.
وكنت أراكِ كلما سمح الريح
كلما هوى القمر
على صفوة الحياة ظِلَّ قَدر .
يومٌ جديد /
أعمل عامل نظافة في النهار, وفي الليل أجدّل ضفائر حبيبتي
اكتب نصاً ولا أستطيع أن أسميه, فأرسمها تضحك .
يوم جديد آخر/
زرعتُكِ بذرةً فنبتِ زَهرةً
قطفتُكِ ثمرةً
وأخلدتُكِ بين شَفتيَّ ..
الخطيئة الأولى /
ليس عيباً أن أجاري يوماً صبي
ولا جهلاً أن أصرخ في وجه واعظ
سأباري هذا الطريق كسنديانة
نَمَتْ حرةً في الجبال العالية
حتى وإن كنتِ أنتِ
شوكة علوية
في الدرب.
فضاء مجهول آخر/
بين أمنية وأخرى يد طويلة
تمتد على الطول الغربي للقلب
حتى شروق شمس العقل..
لم أعد أراكِ في الريح
بعد كومة الهواء التي حرّضتِها
لم أعد أراكِ أغنية
تسمعني وأنا أغني.
غياب أخير /
ككل الليالي الباردة
هذا المطر خفيف حفيفهُ على الذاكرة
أعمل ما أعمل
لئلا أموت مفقوداً
مثل وردة مهجورة
كطائر في وسط الريح..
سأبتعد عن حنين الصوت,
مثل أبلهٍ سأكون, ربما أصمّ
سأطرق رأسي بحافة محدبة
لها شكل القوس
لتخرج كل صورنا
تحت ألوان قزح
في بحر الموت .
خيبة /
ومن كبرِ خيبتي
أنني لم أجهز لمأوى
ولا لضحكة أخرى .
تحميني..
أنيس غنيمة - غزة .