صعدت إلى سطح العمارة ، جلست على كرسي معطوب . ظلمة دامسة تتحسس ملابسي . حاولت أن ألملم ما تبقى من أفكار تائهة . هواجس متمردة تقيس نبضات قلبي .. رقصات الخوف تستفز جسمي ، دم دافئ يغلي في الداخل ..
جلست ، قرأت ما حولي ، نظرت إلى السماء . صرخت ، أطلت النظر ، مددت يدي نحو الأعلى .. باعدت بين أصابعي ، رياح باردة تمر خلسة ..
قلت : من هنا يمكن لمس السماء ، أتحسس الغيوم التائهة .. أنت أيتها النجيمة ، منذ مدة وأنا أنتظرك ، ما لك تحدقين ، ما أظن أن أجدك غداً في نفس المكان والزمان ..
قالت : هات الورقة ، اكتب ، دون ، حول غياب الكلمات إلى عشق ثائــر، وتذكر ، ما أنا إلا طيف يسكن خيالك ..
قلت : إني أجيد الكلام .. أقده من صخر الألفاظ ، بل أنا .. بحر بلا ضفاف ..
في هسهسة ميتة ، فضفض قلبي أخرجت من سترتي قصيدة مشاغبة .. أقرأ وأنا أخطو ، أتوقف ، أمضغ الكلمات في نفسي ، أصرخ ، صوتي يلامس سطوح الجوار ، وأنا أحاول أن أولد الحركة المناسبة للمعنى .. لكن .. سكت الفكر ، وتصلبت الألفاظ بين لساني ، فأصابني الدوار.. راودتني ريح عاتية ، بل روضتني .. كنت أهوي وقلبي معلق بين السماء والأرض..
في الدرب الضيق ، أناس أحاطوا بي .. رأيتهم يعدون للموت صهوته البيضاء ، والنساء يصرخن بنواح يسف التراب ..