شاعر عند الطبيب
(د. ضياء الدين الجماس)
بدأ الشاعر شاكياً لله
الشكوى لله البَـرِّ ... أنت وكيلي يسر أمري
ثم التفت يشكو للطبيب
إني منهوك وأعاني... أشعر صخراً يــملأ صدري
أشعر خنقاً في أنفاسي.. أغرق في عَرَقٍ كالبحر
درع طوَّق لي أضلاعي... في صدري شيء كالوحر
الطبيب :
هل من جهد أو أفكار .. أو حزن يسري في السر؟
الشاعر:
أعمالي حَمْـلُ الأحزان... كرب يجثو يشغل فكري
أحتار بحرفي أقرضه.... أعلو موجاً يعلو بحري
كامل وافر ما أيسرها.... ذاك بسيط يطرب شعري
في رمَلي أرتاح قليلاً .. في خببي تغريد الطيـر
مقتضب وتر حساس ... يـجلو هـمي مثل السحر
الطبيب :
منذ متى بدأت أعراضك ... من ألم أو ضيق الصدر ؟
الشاعر :
من ساعات كان الكرب...لحظات مرت كالدهر
الطبيب :
أخبرني عن نهج حياتك...هل من تبغ هل من خمر ؟
الشاعر:
في زمني هـَمٌّ في غَـمٍّ ...يورث وحراً مثل النار
تدخيني شيء ميسور.... ينسيني كابوس العار
حين أدخن يصدح حرفي...تعلو في ألق أشعاري
أما الخمرة لا أدنوها...تسكرني تقطع أوتاري
هاج الطبيب وقال ناصحاً:
كم أردى عشق مجنوناً ...في حبِّ عشيقٍ غـدَّار
والتبغ أليف قـــتال... يغلق شرياناً بخُـــثار
جلطة قلب سدَّت عِرْقاً...يلزمها فتح القثطار
بيدي مـختص قلبي...يفتحها شَبَكُ المسبار
أو نبدأ فوراً بدواء...يجلو خثـــراً بالبسطار
يجرفها جرفاً بحلول...بوريد مع دمه الجاري
وتمهل في الشعر رويداً...لا تركب بحر الأشعار
شعر نثري مقبول...واصدح نثراً كالأزهار.
قال الشاعر:
كيف العيش بلا أحلام...روحي تحيا بالإبحار
حرفاً حلواً من مُـجتث...يهطل دفــقاً كالأمطار
دعني أقرض بـحر الرجْــز...منهوكاً وبلا أشطار
في إمتاع يــحلو جهد ... في خبب تحلو أشعاري
الطبيب
لا بأس بشعر منهوك ... محفوفاً باسم الجبــار
أو نثر ورديٍّ عطري ... بعد شفائكَ ذاك قراري