الهزيمة
====
كان الليل في هذه اللحظة غرابا ينعق،ويقبع فوق غصن شجرة يابسة منزوعة الأوراق،ويرقب رجلا أبيض مختلطا وجهه بحمرة يمشي محني الرأس خجلا.
وكانت الشوارع في هذه اللحظة أفواها مفتوحة تعايره بالهزيمة.
وكانت الهزيمة في رأس الرجل نصل خنجر يتأهب لقطع رقبة بغضب شديد.
وكان الغضب حينئذ وجه امرأة لا يعرفها حرضته حينما هجع إلى النوم ليلة أمس.
وكانت قدماه تسيران ببطء كسلحفاة أوشكت علي الرحيل،وتوقفت قبالة مقهى ريثما يعبئ أنفاسه للحظة المرتقبة.
وكانت عيناه ترقبان رجلا أسمر،فيما كان أنفه يتشمم رائحة الدم.
قالت المرأة:
- لا تنتظر.
قالت الذكريات بتوسل:
- فلتنتظر؛فأنا شاهدة علي تاريخ نضالكما وكفاحكما معاً من أجل هذه الأرض!
قالت الصداقة:
- أورقت الأشجار،وامتلأت الينابيع بالماء،وكثر الخبز في كفيكما معاً.
قالت الهزيمة:
- أنا شاهدة علي وضعه الحجر عثرة في طريقك،وإسقاطك لتمريغ رأسك أمام الجميع..يريد أن يقتلك.
قال صوت مجهول:
- يريد أن ينفرد بالأرض وحده.
قال الغضب:
- كله قبل أن يأكلك.
تململ الخنجر،وقال:
- إلى متي سأنتظر بلا عمل؟
انقض الرجل الأبيض علي الرجل الأسمر،وانتشي الخنجر بعد أن قطع شريان الرقبة،فيما رقصت الهزيمة طربا بحجرها الذي وضعته، وخلاصها من صديقه الوفي الذين جعلها حبيسة طيلة الأعوام الماضية .
25/09/2013