خيالك والمنطق
خيالك قرين لك ، الزمـه بك التوظيف الفسيولجي للمخ ، ليكون لك المعين عندمـا
تتأزم الرغبات وتبقى على قيد الانتظار ، او عندما تكفن وتدفن في مقابـر الكبت .
خيالك رفيق سخي جواد بعطايا الروح ، جواد بالرومانسية والشاعرية ، إن وضع
الشمس في يمينك والقمر في يسارك لاتحسبه مخادعا ، بل اعتبره مداعبا يريد
بذلك الترويح عنك عندما يحبطك المحال .
دعه يبحر بك البحار ، ويجوب بك الأدغال واليابسة ، ويصعد بك الفضاء ويتخطى
الشواهق ، ويـدور بك حول الأفلاك والمجرات آمنا ، ويلبي لك نـزهة القمـر الذى
هـو الهام المحبين والشعراء .
إن أردت الغنى فلك مثل ما كان لقارون ، وما عليك الا أن تجهز أولي القوة مـن
الرجال كي يقـدروا على حمل مفاتيح مخازنك ، وأن أردت الجمال فلك أن تتخير
عروسك بما تشاء من أبهى تفاصيل الأنوثة والمفاتن .
ولكن .. بقي أن اقـول لك : إن طـوعت للخيال نفسك ، لا تطـوع لـه عقلك ، اجعل
اللجام في يدك ، لاتجعله حول عنقك حتى لاتصبح من عداد أهل الذهان ، ولا مانع
أن تصغرله عقلك وقت الدقائق المعسولة فقط ، ثم تعود الى سيرتك الأولى .
الخيال يلزمه عقل وفطنة ، ويلزمه دين .. إن شرعت فيه لك حق التجوال والغوص
والتشييد ، والاستمتاع كما تشاء ، شريطة أن تكون منطقياً .. فالشروع عن المألوف
كالأحجار في طريق العجل السيار قد تعرقل الأسفار ، لذا وحتما قد يتعرقل العقل لعدم
الاستيعاب ، وتتنافر النفس من اللامعقول .
قد نرى عدم الرضا التام في بعض الأفلام الأجنبية التى خرجت عن المألوف خروجا
ماسخا ، لايرتضيه عقل ولا نفس ولا خيال ، فهو ليس بخيال ، وانما هو تمخض من
تمخضات التخاريف .
أذن فالرغبات المهزومة ، والسروحات الأخاذة التى لايحققهما واقع يلزمهما خيال عاقل
متدين تتحققان فيه ، وكذلك الفن والابـداع . فـالاعتصام مـن الخطايا مطلوب في السر
والعلن ، والله رقيب على كل شئ . ودمتم بخير .
عبدالله عيسى