|
نَسِينَا مِنَ التَّارِيخِ ماقَدْ حَفِظْتِهِ |
فَألْقِيْ عَلَيْنا سِيرَةَ الْعُظَمَاءِ |
عَسَى الرَّوضَةُ الْمِعْطَارُ يَنْعَشُ عِطْرُهَا |
هَوَامِدَلم تَصْلُحْ لِغَيرِ صِلاءِ |
فَقَدْ تُورِقُ الأغْصَانُ بَعْدَ خَرِيفِها |
وَيَنْبُتُ بَعضُ الْحَبِّ تَحْتَ غُثَاء |
عَسَى رُومَةُ الأبْرَارِ تُحْيي بِشْرْبَةٍ |
خَلائِقَ قَدْ مَاتَتْ بِغَيرِ عَزَاءِ |
فَتَنْبَعُ مِن جُرْد النُّفُوسِ مُرُوءَةٌ |
وَيَنْبِضُ في الْجُلْمُودِ عِرْقُ سَخَاءِ |
حَفَرْنَا وَلَكِنْ كَيْ نَدُسَّ رُؤُوسَنا |
وَجُدْنَا وَلَكِنْ في بُنُوكِ رِبَاءِ |
شَقَقْنَا أَدِيمَ الأرْضِ نَمْتَصُّ خَيرَهَا |
إلى أنْ تَلَوَّثْنَا بِسُمِّ ثَرَاءِ |
فَأبْطَأَ بالأحْرَارِ عَنْ كُلِّ غَايَةٍ |
وَكَانُوا إلَى الْغَايَاتِ غيْرَ بِطَاءِ |
يحَلِّقُ فَوْقَ الْفَرْقَدَينِ عُدَاتُنَا |
وَنَلْهَثُ خَلْفَ النَّاقَةِ الْعُشَرَاءِ |
وَلَيْسَ انْتِقَاصًا فِي الْعِشَارِ وَأهْلِهَا |
كَرَائِمُ أمْوَالٍ وَأهْلُ دَهَاءِ |
وَلَكِنَّ بينَ الطَّامِحِينَ تَفَاوُتًا |
فَلَيْسَتْ صُقُورُ الْجَوِّ كَالْحُلَكَاءِ(1) |
وَلَيْسَ الَّذي يَدْنُو مِنَ النَّجْمِ والَّذِي |
مِنَ الرَّمْلِ يُدْنِي رَأْسَهُ بِسَوَاءِ |
عَسَى شَمْلُنَا تُؤْوِيْهِ فِيكِ سَقِيفَةٌ |
تُلَمْلِمُنَا مِنْ غُرْبَةٍ وَجَلاءِ |
وتَجْمَعُنَا بَعْدَ افْتِرَاقٍ بِظِلِّهَا |
وَتَرْحَمُنَا مِنْ فُرْقةِ الْفُرَقَاءِ |
فَإنَّا افْتَرَقْنَا بَيْنَنَا ألْفَ فِرْقَةٍ |
لِكُلِّ فَرِيقٍ أَلْفُ أَلْفِ لِوَاءِ |
عَسَانَا إذَا ألْقَى الْبَقِيعُ عِظَاتِهِ |
نُزِيلُ عَنِ الألْبَابِ كُلَّ غِطَاءِ |
وَنَحْظَى مِنِ اسْتِغْفَارِ مَنْ بَاتَ عِنْدَهُ |
يُنَاجِي وَيَدْعُو رَبَّهُ بِصَفَاءِ |
تُعَاتِبُنَا الآثَارُ في كُلِّ مَفْرَقٍ |
لَهَا فِي مَهَبِّ الرِّيحِ رَجْعُ نِدَاءِ |
تُرَاجِعُنَا فِي كُلِّ دَرْسِ بَرَاءَةٍ |
وَتَسْألُنَا عَنْ كُلِّ دَرْسِ وَلاءِ |
فَهَلْ عَلِمَتْ أمْ لا؟ قُبَاءُ بأنَّنَا |
ضِرَارًا بَنَينَا الْيومَ كُلَّ بِنَاءِ |
وَهَلْ أبْلَغَ الْقُدْسُ الْمَشَاهِدَ أنَّنَا |
بَخِلْنَا وَلَمْ نُسْرِعْ لَهُ بِفِدَاءِ |
وَهَلْ أُحُدٌ مَازَالَ طَوْدًا يُحِبُّنَا |
عَلَى مَا بِنَا مِنْ غِلْظَةٍ وَجَفَاءِ |
فَإنَّا حَفِظْنَا الحُبَّ مَعْنًى مُجوَّفًا |
وإنَّا ادَّعَيْنَاهُ ادِّعَاءَ مُرَائي |
وَمَا أُحُدٌ إلا قُلُوبٌ صُخُورُهُ |
تَفَطَّرْنَ مِنْ شَوْقٍ بِهَا وَوَفَاءِ |
فَيَا طَيْبَةَ الأنْصَارِ والْحُبُّ شَاهِدٌ |
لِكُلِّ نَقِيٍّ لم يُشَبْ بِرِيَاءِ |
نُحبُكِ إيمانًا وأَهْلِيكِ .. مَذْهَبًا |
هَدَانَا لَهُ الْهَادِي بِغَيْرِ مِرَاءِ |
أمَا زَالَ مِنْ وَادِي الْعَقِيقِ عَشِيَّةً |
يَهُبُّ نَسِيمٌ فِيهِ كُلُّ دَوَاءِ |
وَهَلْ أَخْضَرُ النَّعْنَاعِ مَازالَ عَابِقًا |
يسُلُّ مِنَ الأرْوَاحِ كُلَّ عَنَاءِ |
أَتَيْنَا نَغُذُّ السَّيْرَ والشَّوقُ ثَائِرٌ |
طَغَى فِي قُلُوبٍ مِنْ لَظَاهُ مِلاءِ |
يُبَدِّدُهَا حرُّ التَّشَوُّقِ أدْمَعًا |
إذَا لَمْ تُجِمِّيها بِبَرْدِ لِقَاءِ |
أَتَيْنَاكِ لانَخْتَارُ إِذْ أَنْتِ خَيْرَةٌ |
وَمُخْتَارَةٌ مِنْ قَبْلُ لِلْحُنَفَاءِ |
قدِ اخْتَارَكِ الْمُخْتارُ عَاصِمَةَ الْهُدَى |
فَأَنْتِ نَقَاءٌ مُنْتَقى لِنَقَاءِ |
أَيَا مُنْتَدَى حَسَّانَ جِئْتُكَ زَاخِرًا |
أمَامِيَ طُوفَانُ الرُّؤَى وَوَرَائِي |
أُسَابِقُ أَرْوَاحَ الْمُحبِّينَ شَاعِرًا |
أُعَطِّرُ أَشْعَارِي بِحُسْنِ ثَنَائِي |
أَزُفُّ مِنَ الْغِيدِ الْحِسَانِ رَوَائِعًا |
إذَا عُصِيَ النُّظَّامُ كُنَّ إمَائِي |
سُلافَةَ عُشَّاقٍ وَنَفْثَةَ سَاحِرٍ |
وَميَّاسَةً تَاهَتْ بِحُسْنِ رِدَاءِ |
أُعَتِّقُهَا للذَّائِقِينَ لَذِيذَةً |
وَأُعْتِقُهَا مِنْ كُلِّ ذَاتِ بَذَاءِ |
أُصَفِّقُهَا حِينًا أنَاةً وَحِكْمَةً |
وَأَمْزُجُهَا حِينًا مَعَ الْغُلَوَاءِ |
أُرَقْرِقُ نَجْوَاهَا نَسِيمَ صَبَابَةٍ |
وَأُحْرِقُ شَكْوَاهَا سَمُومَ بُكَاءِ |
وَأُطْلِقُ أعْلاها خَيَالاً مُحَلِّقًا |
وَأسْحَبُ أَدْنَاهَا مِنَ الْخُيَلاءِ |
أُفَاخِرُ بِالإسْلامِ في كُلِّ مَفْخَرٍ |
وَعَنْهُ يَذُبُّ الْمُبْطِلِينَ هِجَائِي |
وَأَحْسَبُ أنَّ الشِّعْرَ مَا طَابَ مَقْصَدًا |
وَجَلَّ عَنِ الْعَوْرَاءِ مِنْ شُفَعَائِي |
وَمَا الشِّعْرُ إِن لَّم يُدْخِلِ الْخُلْدَ رَبَّهُ |
وَيَرْقَ سِوَى لَغْوٍ وَمَحْضِ هُرَاءِ |
يَقُولونَ مَايُضْفِي مِنَ الْمَجْدِ شَاعِرٌ |
وَمَا تَصْنَعُ الأوْطَانُ بِالشُّعَرَاءِ |
وَهَلْ أَلْهَبَ الإحْسَاسَ مِثْلُ قَصِيدَةٍ |
وَهَلْ جَدَّ بِالسَّارِينَ مِثْلُ حُدَاءِ |
وَهَلْ خَلَّدَ الْمَجْدَ التَّلِيدَ لأهْلِهِ |
كَمَا خَلَّدْتْهَا قَوْلَةُ الْفُصَحَاءِ |