أوَ كلّما تمدّد الضّوء يتقلّصُ المدى؟
و كلّما مشيتُ دربا جازني الصّدى
و شتّتني الغيابُ و الهواءُ البارد على استحياء
يا ليلُ.. يا عادة الشّمسِ في المغيب
يا ليلُ يا ممتدّا للبيوتِ العتيقةِ دونما أبواب تنهرهُ
و دونما حرّاسٍ للضّوء ك عسس العتمةِ
و دونما انتهاءٍ دونما أجل
هب أنّي أتنفّس
و امدد كفّك إليّ كي تلحق بما تراشق من هذا النّبض،
لم يعد في الأرض مكانٌ للموتى
يا ليلُ
وحيدةً أمّمْتُ هذا التّمرُّد
و زارتني في المنام أختي وحيدةً
تؤمّ الوجعَ و الحرمان
وحيدةً.. تناسلتُ، تلاشيتُ
و أشباهي الأربعون مطرٌ مالحٌ ما زاد الودّ إلّا عطشا
و صوّان
وحيدةً مددتُ صحائفي
و ملامحي لا تزيدُ عن الجوع شيئا و لا تقلُّ
تراود النّفْسَ عن الغياب بالغياب..
وحيدةٌ هذه الخيبةُ
كصوتي حين اتّسع فصار فراغا
تعربشه الضّجر
أوَ كلّما جلستُ وحدي.. جاء ثالثي، و صلّى على ثانيّ الّذي دفنتُه و جلس يحدّثُني عن الغياب...؟!!
كلّما حلمتُ.. هوت من روحي نخلة، و استيقظتُ أتحسّسُ أين ذهبت يدي؟
يدي الّتي ما طابقت يدي
يدي الّتي ضاقت على عُريِ يدي
يدي يا اللّيلُ الملطّخُ بالشّوكِ و سِكك الحالمين
و انتهاءِ الموت اليانعِ المجبول بالعرق، و الحنّاء
ثمّ و بعدُ؟؟
لماذا كلّما ظننتُ قلبي صغيرا تمدّد... و زاد في الغياب؟
لماذا كلّما ابتعدتُ في التّفّاح تساقطت عشر سنابل
في كلٍّ مئةُ حبّةٍ... و تضاعف الضّباب؟
لماذا كلّما كَلَلْتُ.. تدلّت خيبتان تشدّان عودي لينكسر باشتهاء
لماذا أنتهي عينا بِتاء؟
جفّ ضرعُ البيت و فارق الفَراشْ
جفّ ضرعُ الموتِ لمّا الشّهيدُ عاش
و حين وجه الأرضِ جفّ، رمشت أنفاسُهم
و اعتلَوا... اعتلَوا حتّى آخر الضّوء
صاروا شمسا و انتهاء
وحيدةٌ حقيبتي، و لا تحملُ إلّا ثبوتي
وحيدةٌ لا لذّةٌ للحنين
ولا لسطرٍ شهيّ في قصيدة
وحيدة..
ثَمّة حياةٌ تساومني
ثمّة مماتٌ يأتي بالمجّان
ثمّة عراء
يا ليلُ يا نصف هذا العمرِ
و كلّه حين الوحدةُ تتمايلُ.. تتراقصُ
ولا يليقُ بالرّقص إلّاكَ
هبْ
هبْ أنّي أتنفّسُ
كقبّرةٍ صار جسدُها رئةً
و الجناحان ماء
كن أبيضا.. يا ليلُ
ثمّ تنفّس،
بعض الأسارير خضراء بَرقَعَها النّداء
و سألْمَعُكْ
سأصوم يا ليل كي لا أتبعكْ
ثمّ لن أمشي معكْ
فسريرتي بيضاء.. لم يلوّنها سَقَم
ثمّ...
مُرّ أيّها الوقتُ سريعا
إنّي أريدُ أن أهرمَ
سأكتفي
الفقرُ يا ليلُ ليس ثوبا ممزّقا
ليس نفْسا تتهاوى لشهيّةِ حلوى أو فاكهةٍ
ليس بيتا بلا سقفٍ
أو بردا يتظاهر بالدّفئ
الفقرُ أن تمدّ الكفّ بنبضٍ
فتعودَ بالصّمم
.
.
.
.
عبلة الزّغاميم
22-2-2014