|
يروج عني البعض أنك شاعر |
وإنيَّ عند البعض لست بشاعر |
فلا القول من طبعي ولا الشعر صنعتي |
ولا لست مداحا بباب الأكابر |
ولست من الفرسان أوبعض شأنهم |
وإني منذ البدء خطت مصائري |
فكيف أقول الشعر والصمت طالعي |
قبيل بزوغ الشمس جذوا مشاعري |
لساني لايقوى على لفظ همسة |
كأصنام هذا العصر ماتت سرائري |
وإني كباقي الخلق عبد مسير |
وقد سرقوا سيفي وقصوا أظافري |
وأين هي الآمال والباب موصد |
وأني سجين الوهم بين دوائري |
وكيف أقول الشعروالفقر صادني |
وقد خانني جيشي وفر عساكري |
ألا أيها الناجون لست أنا أنا |
ألا فابحثوا عني وقولوا لناكري |
أنا العصب المزروع في أس حقده |
سأقتله يوما بهمة ثائر |
لقد كان لي ماض تنوء له الرؤى |
به يغمر الساحات فيض خواطري |
ركبت بحور الشعر طفلا ويافعا |
على ألف ميناء تجوب بواخري |
لقد عانقت روحي سماء وأنجما |
و حطت طيور الروض فوق منابري |
يراعيَ سهم في لمى الغيد وشمه |
ومن خد قرص الشمس كانت محابري |
وقد كان لي رسم ولكنه انتهى |
وصار بقايا الأمس بين الدواثر |
لعشر طواها الدهر لاعاد ذكرها |
فلاالليل يغشاني ولا الصبح زائري |
بها شاخت الأفكار جف بريقها |
وغابت طيور السعد عن خط ناظري |
طردت رسول الشعر من شط خافقي |
وأرخيت للمجهول كل ستائري |
وعلبت أشعاري وألقمتها حصى |
وقلت لها نامي بطي دفاتري |
وزيدي على الأيام صبرا وهللي |
إذا رفرف العصفور فوق بيادري |
فلما أفاقت واستشاط حنينها |
تراودني شعرا لتذكي مشاعري |
أرفه عن نفسي أوسوس خلسة |
وحينا يضيع الوقت بين المعابر |
أنادمها عشقا فتمسي طليقة |
إذا ظبية حسناء مرت بخاطري |
أراقب ممشاها وأشتم عطرها |
بلهفة مشتاق ودهشة حائر |
أدون أحلامي على ليل شعرها |
إذا ماأطل الصبح ضاعت مآثري |
وكل الذي أهذي طقوس غريبة |
يرتلها بوحي براعة ساحر |
تخيم في رأسي تشيد بروجها |
فأرسلها شدوا بقدرة قادر |
أنادي عليها من ديار بعيدة |
فتعبر آفاق المدى بتواتر |
فتمزجني سحرا بكف جميلة |
وتسكبني خمرا بكف المغامر |
لمن قال إن الشعر محض عواطف |
لقد نال إثما من كبار الكبائر |
ألا إنها الأروح في أوج صفوها |
يطهرها ربي بكتم السرائر |
فيا معشرالأحباب هذي رسالتي |
فمدوا إليَّ الكف جبرا بخاطري |
فلا زال في الوجدان بعض بقية |
ولازال فيَّ الخير والله ناصري |
لكم من صميم القلب نهر مودة |
وما ضم صدري من نبيل المشاعر |