... من المثل السائر ...
الحُسن في أبيات ابن بقي
بِأَبِي غَزَالٌ غَازَلْتْهُ مُقْلَتِي ... بَيْنَ الْعُذَيبِ وَبَيْنَ شَطَّيْ بَارِقِ
قال وقد أورد في محاسن المعاني قول القائل:
بأبي غزالٌ غازلته مقلتي بين العذيب وبين شطّي بارقٍ
... الأبيات.
وهذا من الحسن والملاحة بالمكان الأقصى، ولقد خفت معانيه على القلوب حتى كادت
ترقص رقصا ، والبيت الأخير هو الموصوف بالإبداع، وبه وبأمثاله أقرت الأبصار بفضل
الأسماع .... أقول: هذه الأبيات لابن بقي، وأوردها ابن الأبار في تحفة القادم ثم قال: وقد نسب بعض أهل عصرنا ابن بقي إلى الجفاء في قوله:
أبعدته عن مهجة تشتاقه... ولو قال: أبعدت عنه أضالعا تشتاقه، لكان أحسن. ثم أورد بعد ذلك لأبي الحكم جعفر بن يحيى بن عتال الداني:
حبّك لذّ بكل معنى إلى كرى ملت أو سهاد
إن كان لا بد من رقادٍ فأضلعي هاك عن وساد
ونم على خفقها هدوّا كالطفل في نهنه المهاد
ولما وقفت أنا على ما ذكره ابن الأبار من الإيراد على ابن بقي، وأبيات ابن العتال خطر لي
أن يكون ذلك نظما. فنظمت ذلك على روي ابن بقي ووزنه:
أبعدته من بعد ما زحزحته ما أنت عند ذوي الغرام بعاشق
هذا يدل الناس منك على الجفا إذ ليس هذا فعل صبٍ وامق
إن شئت قل أبعدت عنه أضالعي ليكون فعل المستهام الصادق
أو قل فبات على اضطراب جوانحي كالطفل مضطجعا بمهد خافق
فانظر إلى ما استحسنه ومدحه وفضله كيف أورد الناس عليه وعابوه، ولعمري إنه نقد حسن ومأخذ دقيق وإيراد متوجه.