لا تكن صديقي
يتكيء الحب بضجر على حائط اللامبالاة ، لأنني أردت ذات تحضّر أن تكون .. صديقي .
" كن صديقي .. "
إلحاح مني لك بأن نمارس سوية هذا الدور ، واقعاً كان أم تمثيلاً ، فأنا امرأة ملّت شرقية ذكورتك على أنوثتي .
" كن صديقي .. "
مرّت الأيام قاضمة تفاصيل زمني ، لأحتفل وإياك بمرور سنة أثمرت طفلاً يحمل ابتسامتك التي أوقعتني في شباكك ، ولم أفلح بمبتغاي ، فما زالت شرقيتك متشبثة بقدر أنفذّ مدة عقوبته .
" كن صديقي .. "
سحبت تلك الأشهر سلسلة حياتي من جيب يوميات امتلأت بمتطلبات زوج وطفلين ، ولأن قطرة الماء بمرور الزمن تحدث ثقباً في صخرة ، فإنني استطعت وخلال ثلاث سنوات تغيير تضاريس ثقافتك نحو المرأة ، ولم أعد مجرد زوجة وأم .. بل صديقتك ، لتكتمل سعادة حررتها عنوة من سجن التقاليد .
" يا صديقي .. "
ذات صفاء ، ذهبنا لحضور حفل زفاف أحد أقربائك في الضيعة ، صوت أغاني الدبكة وموسيقاها تسربت داخل ذكريات بعيدة حين كنت غضّة المشاعر ، بدأت شراييني تنبض على ضرب الأقدام بالأرض ، ودون أن أشعر دخلت حلقة الدبكة والتي شكلنها نسوة القرية ، وأزهر الربيع على ملامحي ، وبدأت قدماي تداعب الأرض بتناغم وعيناي تبحث عنك ، إنّي هنا .. مترفة بالفرح .. يا صديقي .
" يا صديقي .. "
انتهى الحفل وبدأت أمسيتنا ، كان علينا اغتنام فرصة تواجدنا في القرية وزيارة أخوتك قبل أن يأخذنا صباح الغد إلى منزلنا في المدينة ، وكان علي كبت مشاعري التي اشتعلت حين غازلتني في الطريق إلى منزل أخيك الأكبر ، قلت لي لحظتها .. " لقد أعجبتني امرأة تلبس ثوباً بني اللون .. كانت ملكة الحفل " ، سمعت جملتك الكسلى على وسائد شفتيك فتمنيت الرجوع الآن إلى منزلنا ، فمنذ زمن لم أذق نكهة الحب في أحاديثك معي .
" يا صديقي .. "
التهم الطريق المضاء بمصابيح المنازل المترامية خطونا ، أنا وإياك وطفلينا ، وبسمتك التي أردتُ اعتناق مذهبها زادت من شوقي للاختلاء بك ، فكم جميل ذاك الحب الذي ينفض غبار العشرة عنه ويشتعل كما كان .. أول نبضة .
" يا صديقي .. "
اتخذ كل منا مجلسه في مضافة أخيك ، والنعاس المبلل بالصحو قد كسا وجوهنا جميعاً ، اقتربت منك أكثر ولولا الحياء لارتميت في حضنك ، فكم كنت عطشى لاهتمامك بي ، لكنها ساعات قليلة ويداهم الصبح أوكار الليل الذي لا أملكه .
" يا صديقي .. "
تسامرنا في تلك الأمسية ، وبفضول سألتك ابنة أخيك عن سبب سعادتك ، ناديتها باسماً أن تجلس بجوارك ، وجلستُ بكامل حواسي بجوار كلماتك التي ستنطقها الآن ؛ لتسألها عن تلك المرأة التي كانت تلبس اللون البني .. ما اسمها ؟
هربتُ بنظراتي إلى الأرض ، حيث لا يرون الغصّة التي طعنتني بها للتو ، ولوهلة ظننتك تتلاعب بأعصابي ، فلطالما علقت على كثيرات أعجبنّك بأناقتهن .. برشاقتهن .. بتفكيرهن .. حتى بطبخهن ، وكامرأة تريدك صديقاً كنت أشاطرك إعجابك حيناً وأخالفه أحيان .
صحوت من أفكاري الملتهبة بعشقي لك ؛ على اجابتها : " أتقصد إيناس زوجة عاصم ؟ " ، لترد عليها بدهشة : " أهذه إيناس .. ياه كم كبرت " .
" يا صديقي .. "
لدقائق سابقة ظننت أنني إن حضرت في فضاءك يختفين نساء العالم من أمامك ،
لكنك لم ترني بالأصل ، ولم تلحظ أنني الأخرى ألبس ثوباً بني اللون ، أنت ابتعته لي قبل يومين .
أيعقل أن نلامس السحاب بجملة ، وبذات الجملة نقع من علو شاهق ، ليُدّق عنق الكبرياء هكذا .
" يا زوجي .. "
منذ تلك الليلة عاهدت نفسي أن أكون امرأة شرقية بامتياز ، فلقد امتلأت كرامتي بشظايا صداقة طالبت بها ونزفت على إثرها أنوثتي ، فرجاءاً .. لا تكن صديقي .