نشوة في عبث
كنت مستلقيا وهي إلى جانبي تتصفح أرجاء البيت بعينيها ، رأيتهما وقد اغرورقتا دمعا يجرف كحلا امتدت سواقيه كسواد فوق سيل جارف ،كانت تقرأ ما تحمله أرجاء البيت من معان ،فجأة صاحت في وجهي : ألن تجد لك مأوى غير هذا بعد اليوم ؟ كرهتك كما قد سمعت مني مرارا ،انتهى كل شيء يجمعنا ....وابتداء من اليوم أعتبر نفسي لم أكن من قبل لك ،ولن أكون كذلك من بعد . حاولت أن أضع لهذا الكلام توضيحا يشفع لي أمامها ،لكن الأمر لم يكن بذات السهولة التي يعتقد غالب الناس . كان الكأس قد فاض ،ولم يعد بد من السيطرة على الوضع ،واستئنأف الحياة لمجراها العادي ،خرجت في عجلة من أمري، تسابق قدماي الرياح وخيبة الأمل ترافق كياني ،أجوب الشارع الخاوي على عروشه ، وددت أن أجالس أحدا فأهرب من واقعي المرير ،فما وجدت غير أشباح رسمتها أعمدة النور العالية ذات المصابيح الشاحبة ، وكلاب وقطط ضالة تملأ الأمكنة مواء ونباحا متقطعا ،تمددت على جانب من الرصيف قرب مخدع الحارس الليلي ، رفعت عيناي إلى السماء فلم أر غير ظلمتها التي تطلب مني الصمت والإمتثال لسكون وعظمة الليل ،لا أذكر أنني نمت ،ولكنني على ما يبدو غفوت ونمت نوما عميقا في غفوة من ثوان معدودات ،استيقظت، أحسست أن النوم مضيعة للوقت رفقة مصير مجهول ينتظرني وينتظر أيامي الاتية . عدت إلى المنزل أنتظر عونا من الله ومددا ، وجدتها تنتظر مجيئي ،ثم قالت لي ألم تعتد على كلامي بعد ؟؟ عهدتك تفهمني وتتقبل انفعالاتي، ثم قبلتني وهي تقول لي : نم فأنت لي وحدي ، تلفظك الدنيا بأسرها لتعود إلي مطأطأ الرأس كل مرة ،فأنتشي بما هو بؤس وشقاء لك .