إليك فقط , عصفوري الحنون...
رفرفات حنين وخفق لجناح الشوق , كم سكب في أعماقي آحاسيس عذبة والعين تتبعه بمزيد من الدهشة , لماذا لا يلحق بالسرب المسافر, الباحث عن آفاق أخرى لحياة فيها الربيع ينثر عبيره وشذاه ؟؟
لم أفارق شرفتي أراقبه عن كثب , كان رفيقه يتألم يحاول الطيران لعدة مرات ولكن جاذبية الأرض كانت أقوى منه , رفرفة جناح فيها الكثير من الرحمة واللطف , يا الله ما أجملها من مشاهد حينما تباغتنا فتلين لها القلوب القاسية , يغرد العصفورالجريح بصوت خافت و كأنما كان يشكو للرفيق حاله لا يرجوه أن يبقى , يسأله فقط قليلا من الحب والحنان لعله يكون زادا له في رحلته نحو الخلود , فكان العصفور الحنون يظلل عليه بجناحيه كأنما يبعد عنه أشباح الخوف والأحزان , قرت بلابل روحي واستقر معنى جميل بداخلي , وشعرت بسعادة عجيبة كياني يهمس بالحمد والشكرلله , الذي زرع هذه الرحمة في قلب عصفور لن ينسى أبدا قلبا وحده وعبده وسأله أن يشمله برحمته التي وسعت كل شيء , يا ألله ما أرحمك !
أرنو إلى الأفق البعيد والسرب يختفي في غورالسماء والعصفور المكسور الجناح يعلق نظراته برفيقه يرنو إليه يستعطفه يستزيد من حنانه وحبه لعله يجود بما يروي عطشه ولهفته إلى الأنس, لغة رقيقة بينهما لا يفهمها إلا من أحس طعم الفقد المعنوي والمادي لشيء غالٍ عليه وصلتني كأجمل مايكون وكسرت الصمت الجاثم على صدري وأزاحت ستارا أسودا كان يحجب عني النور , وذكرتني لا أدري كيف بالرحلة إلى الدار الآخرة , ذكرتني بالله بحنانه ورحمته وحبه وكرمه في العطاء والمنع , في كل الحالات ربي كان رحيما وكريما , من يروي قلوب الملهوفين من خلقه هو إله يستحق الحب والتمجيد والتعظيم والعبودية التي تجعل القلب يسجد قبل البدن , أي حب سكبته مولاي في قلب عصفور صغير ! و أي روعة تنشرها على مخلوقاتك الضعيفة حينما تتراحم فيما بينها ؟؟ فكان يطير بعيدا ليعود محملا بالزاد للرفيق المكسور الجناح , رحمة تفوق التصور , لا يستوعبها عقل بشري , حق لنا أن نطمع في رحمتك ياربي , وحري بقلب تجرع الألم في دروب الحياة أن لا يتعلق إلا بك , كي تهدأ آناته بتسبيحك وتهليلك يا أرحم الراحمين .
مازال همس الجريح يصل متقطعا إلى أعماق فؤادي , لا أدري لماذا تعاطفت معه ؟؟ ربما لأن كلانا مكسور الجناح متعلق بالرحمة التي وسعت كل شيء . كلانا يشدو بدون صدى ولا أمل في التحليق عاليا , ربما هو ينادي الرب الرحيم يناجيه يسأله أن يخفف الألم وأن يؤنس وحدته فلا يقلقه الليل بظلامه وصمته وأشباحه , مثلي يسأل الله أن يمنحه الصبر كيما يبقى صامدا شامخا أمام الألم والحزن ..
عصفوري الجميل الحنون المرفرف بحب كان قريبا منه جدا جدا ..
وشدو بدأ للتو يتناغم يتناسق بشكل مذهل , ثم عم صمت عجيب أزعجني
هل كان يودعه بتغريده الخافت الحزين ؟؟؟......