الرصيف
أحمد حسيـن أحمد
مهداة للشاعر اللبناني سامر
1
تناختْ بوجهي نجوم المساء
فأسّــســــتُ بئراً بوجهِ القمرْ
تردهُ العذارى
وبعضُ الغجرْ
وقسمٌ من العابريـن الحيارى
أقاموا هناك
لرصد الضجرْ
فقال الرصيفُ
أتهزأ منّـــي؟
أنا مـنْ رماكَ لذاكَ المساء
ودثّـــــرَ قبوكَ بالعابريـن
فكـــيفَ تتوقُ العذارى
لمرمى حجر؟
وكـــيــــفَ سـكــــــبتَ مياهً بوادي القمرْ ؟
فقلتُ : هناكَ تركتُ حبيباً
بُعيدَ ارتحالي
نذرتُ لهُ نافضات الشجرْ
تــغطيهِ وقتَ ربيـعٍ
ووقت انتثار المطرْ
فصارَ مزاراً
لبعض الصبايا
وبعض اللذيـن أقاموا الحفرْ
وإنـي أراهُ هناكَ
بوجه القمرْ
٢
أفاقَ الرصيفُ
علـــى بعــض منْ عفْــــروهُ بنثرِ الثرى
وكان يراني
وكنتُ أرى
خيالاً لبعض الصبايا
مـــررنَ بذاكَ الرصيفِ
ســــراباً جرى
فـقلتُ لهُ : منْ أثارَ الغبارُ؟
فقال : الذي قد طواني بريحٍ رطيبٍ
ودسّ الكرى
٣
تقــــدّمتُ لمحاً لذاك الرصيفِ
عســــــاني أجسُّ ثراهُ
وأغزو المكان
ففــزَّ الرصيفُ
وقال : أتغزو بليلٍ
وهذا الزمانُ
خبيرٌ بغزو الليالي
وخطفِ الحسان
وســلْ من أتانا بركبٍ غريبٍ
من المشتري يشترينا
الجبان
فقلت : السماح جناب الرصيفِ
ظننـــتُ البسالةَ أن نفتدي
بلاداً أطــلّتْ على الفرقديـنِ
وإنّي حــسبتُ القتالَ نزيهاً
فشــذّبتُ سيفي
وظهر الحصان
٤
تناخـــــت صفوفُ الأعادي
ولمْ تحتويني حواشي الرصيف
تنفّــــستُ ظلماً
ونمتُ بُعيد العشاء الخفيف
وكانت بقربي
تسومُ احتقاري
هــي الــــخَفْــــرُ إذْ هـتّــكتْ في ازدرائي
بقايا النزيف
لبسـتُ حجاباتها واستخرتُ الإله
كـأيّ مليكٍ غفا
مثل باقي الملوكِ
وذاكَ الــــــذي حثّــهُ المستحيل
فقال : ألا هل تسامرُ بؤسي؟
وأهديكَ ثوبي الشفيف
تناخت ، وكنتُ أسوّي صفوفي
كما والصلاةُ تقامُ لجلب المطرْ
فحطَّ القدرْ
فوق رأس الغزاةِ
وبعض الـــنفرْ
من العابريـن
ومـنْ قد تخطّى حواشي الرصيف
ألست معي؟
أيهـا الخوفُ لـمّا التقينا وبعضُ الصحابِ
بكوا عندما حــلَّ في الربعةِ الأغبياء؟
هناك التقينا
وكانوا كعـــصبةِ إخوان يوسف
وذا الـــبئرُ حــلٌّ علينا
فهلاّ رميتم
بهِ مستريحاً
وكان الخلاص؟
٥
رمـــوهُ..؟
نعـــــم، هـــــم رموهُ، وسوّوا الغطاء
بإسمنتِ حقدٍ دفيـن
لكــي لا يشوفُ رعاةُ الفلاةِ
مكانَ الـــسقايةِ بعد قرون
فيدلون دلواً
فيخرجُ زيتٌ وطيـن
6
وتجترّني ..؟
مثلما عامرات الكروشِ
ألمْ نلتقي في الصباح البهيجِ..؟
ألســتَ الذي مــدَّ سيفاً
أخافَ الفراغ..؟
أراكَ تـــدكّ القلاعَ
وما مـــن قــلاعٍ تُدينُ بدينٍ إلينا
ولا سدرةٍ في العراء..؟
كفاكَ اختيالاً
أنا صـــاحبٌ للقبورِ
ونقرُ الصقورِ
ونبشُ البشرْ
كفاك علّــواً ، وتلك الرياح
نســــيمٌ تـحـسّـستُ عرقوبهِ يستديرُ
وبالٌ علينا
فلا تطلق الجارحات الرماح
كفانا التردي ورمي القداح
وسلْ ضاربات الرمال
أنحنُ خسرنا..!
أم إنـــا بلينا بقرعِ الطبول
٧
طبـــــــــولٌ لحربٍ أقضّتْ قرانا
قرعنا صداها
ولـمّا ارعوينا
فـما زال قرعُ الطبولِ
هــديراً يصــمُّ الأذان
ء أنتَ الذي مــسَّ
حلمي الخفيف؟
وكنتُ أمــرُّ على حاشيات الرصيف
كـــــراديسُ جندٍ
وصعقٍ وخوف
أخذتَ ردائي الوحيد
وأرهـــقتَ برقي وجرحاً يطوف
كما كعبةٍ قد سلاها الحجيج
ألم تسمع الداويات..؟
ألم ترتقي بالأجيجِ
سماعاً
لذاك الضجيج..؟
رأيتُ الوجوهَ
برغم الدخان...!
فكيف استباحتْ عيون الأعادي
المكان؟
وتـــسأل أيضاً..؟
أنا منْ أنا..؟
أنا المــــرهقُ السامريُ
أنا وهجةٌ من حياء
أنا شذرةٌ من بقايا بكاء
وعودي
ـ وعــــرقوبُ يدري ـ
بانّ وعودي خواء
وعصف الشتاء
أتانا من الربعةِ الخاوية
ويبقى الرصيف
ألمانيا ٦/١٠/٢٠٠٣