لأول مرة بعد تسع سنوات على زواجهما أدركت أن زوجها أحمد أصبح شارد الذهن في الأيام الأخيرة. في الحقيقة لم تكن لتعير ذلك أية أهمية لولا تلك الكلمات التي حشتها صديقتها في دماغها بعد لقاء عابر عند باب أحد المتاجر. ها هي ذي الآن تكتشف أنها ربما لا تعرف زوجها، فقط لأنها أدركت جهلها بجنس الرجال كما حاولت صديقتها أن توهمها.
دخلتْ إلى البيت فلم تجد زوجها قد عاد من العيادة ففكرت أن تغسل ما علق في ذهنها من محادثتها مع صديقتها. توجهت إلى الحمام وعلى شفتيها أنغام أغنية حزينة.
سمعت صوت أزيز الباب وهو ينفتح فرددت في نفسها ما تقوله دائما عندما يعود من عمله؛ كانت كما لو أنها تخاطبه من وراء حجاب.
عند خروجها من الحمام تبادلا تحية مقتضبة ثم عرضت عليه أن تجهز له طعام الغذاء فشكرها معتذراً. لكنها ألحت عليه فما كان منه إلا أن أخبرها أنه تناول الغذاء في أحد المطاعم القريبة من عيادته ثم دخل الحمام ليستحم بدوره. لم تكن تلك عادته ولا ديدنه.
بينما كان أحمد في الحمام، كانت سليمة تقلب الأفكار في ذهنها. بدأ الشك يغزو ذهنها إلى أن اقتلعتها رنة الهاتف من استغراقها. كان ذاك هاتف أحمد.عادة هي لا ترد على مكالماته لكنها تشجعت هذه المرة وأجابت.
ضل الخط مفتوحا مع أن أحداً لم يجب. لكن سليمة أحست بسخونة الأنفاس الآتية من الطرف الآخر. قادها حدسها إلى أن المتصل كان امرأة...اكتملت الحكاية إذن!
حين خرج من الحمام سألها من كان المتصل فأخبرته أن المكالمة كانت محجوبة الرقم وأن أحدا لم يتكلم ثم انقطع الخط بعد بضع ثوان.
بينما كانت سليمة تهم بالتوجه إلى غرفتها سمعت رنين الهاتف مجددا. أصاخت السمع لكنها لم تتبين شيء ذي بال مما قاله زوجها. أخبرها أنه لديه حالة مستعجلة؛ من غرفة نومها سمعته يصفق الباب.