هو //
ازيز ..متواصل..مطرد......
--- قام من كرسيه .قبع جنب زجاج النافذة ...شاب . في
الهزيع الاخير من شبابه.
..كمجرة من النجوم..تبدو تبدو كلآلئ اضواء مدينته..عند خط الافق
تصادح سطوة الظلام ..من هذه الليلة الباردة ..حتى القمر حالت
بيننا وبين نوره السحب الثقلى..فلم يصب مد بصره الا اطياف
اشجار الصنوبر الصامد اخضرارها ..من حافتي السكة ...
هي //
- اسمها ثلجة....
برغم انها لم تكن ببياض الثلج . لكنها امام السحنة الداكنة لزوجها رابح
تبدو كذلك.. فقد عملت على بشرته شمس الجنوب
الحارقة ..غالب ايام السنة ..حتى خيل اليها لما تقدم لخطبتها رفقة والدته منذ اشهر
سلفت ..انه ابن الصحراء...على كل يعمل هناك ..اما امه فهي تقبع هنا..قلبها مكوي
لغيابه ..مشغوف لايابه ..ولو ان زمن غيبته تطول و لحظات وصالهما معدودة ..................
هو //
---تنساب من شقوق
شباك القطار نسمات ثلجية الوطئ......**ثلجة ...ليس لها من اسمها غير
البياض..هي ربيع..هي ورد....**.
يحس بدفقة تسري في كيانه ..ويده تتحسس علبة الهدية -ساعة
معصم مذهبة -بجيب معطفه ...**
كم يضاعف الشوق عذاباتنا كلما**
اقتربنا من آن اللقاء .--.يصحو من سرحته......غفوته .بقايا حلم
على واقع امل تحقق.حلم اسبق.. ترك العمل .اخيرا ..في
الجنوب..ابدا لن يعود ! .--الذي خلق ما يضيع-- **دمي هنا
..حياتي هنا..ثلجة !**
هي //
- هجرت ثلجة بيتا عامرا بالحركة
والضجيج ..لتنزل الى دار يتملكها الصمت ..يتردد في اجوافها الصدى..
فصعب عليها تعود هذه العيشة التي وسمت مع الايام قلبها وحشة ..وملات روحها
وحدة ..وما اجج ذلك هواجسها.يا حظها ..حتى زوجها ..الهادئ ان لم نقل المنطوي على
نفسه .....ثقيل ردة الفعل ..تخلو ملامحه من التعابير ...بقدر ما تخلو حركاته من
الحيوية...وصلته مامورية للسفر لعمله .. لم يرجع بعد..وقد طال الترقب...وهي حتى الان
لم تخترق تلك الحصون من الجمود او الخجل التي تتخفى وراءها ذاته ..
هو //
..تعود به الذاكرة لتلك الايام الربيعية
..منذ حلت بالبيت الحركة
..نشاط..سحر ..بل الحياة..و ازدان بالالوان...منذ زواجه.....
..تعمقت به سفن
الهواجس..جرفها تيار التفكير الى ماضيه..يعود وجهه للجمود
..وسمة اسى منه تسود..**امي المسكينة ...**منذ وصلتها ورقة
الانفصال ..من وراء البحار....منذ تلك الحقبة قطع امله ثم
رغبته برؤية وجه ابيه.انصدم قلب امه..لجمت لسانها..حورت
بكماء..--لكل مذهبه ..في الصمود--.منذ تلك الحقبة ..رمى حقيبة
الدراسة لاحدى الزوايا القاتمة..عمل حمالا..ليتبوء مكان
الاب..معيلا امه..اعباء الحياة اكبر..سافر الى
الجنوب.....**التضحية تجارة ..نختار فيها خسارتنا ..لكل حلو
..من اجل ما هو ضروري**
هي //
هيهات ان يرفرف طائر النعاس عند جفنيها ..هذه
الليلة ...الشتوية بقرها وطولها..فقد اقضت مشاغل النفس مهجعها..فاسالت مشاعر
الوحدة مدمعها ..حينما خيم السهاد..فلم ينفعها معه عناد..
- افل الهزيع الاول وكانه دهر.. واذا تنتفض من مكانها ..تتلمس الباب الخارجي ..تفتحه
..نسمة ببرودة اسمها تخترق الباسها الفضفاضة..قشعريرة تسري مع كامل
هيكلها..جمدت ملامح وجهها ..حين ثارت الاحزان بداخلها..ولت وجهها نحو تلك الجهة
-الشمال-..الاتجاه الذي جاءت منه وهي في احلى حلة ..واحلى احلام..من بيت
الاهل.من الحي القديم حنين الاهل ..اتجاه الحي الفوضوي هذا .....
- كسرت ساعات صمتها ..افرغت غليل فؤادها ... اهرقت ما تبقى من دموع ..وهي
تهرول نحو الشمال ..لا تعرف الطريق...فقط لن تبقى ..لن تنتظر ..نفذت اخر دفقة صبر
تتحملها..لاتنظر وراءها لذلك العمران المحدث ..وسط الظلام ..ينفرج منه نور.. من
بابه..تحث الخطى ..ترقب ظلها المنعكس على الارض امامها .. علها تسبقه..الذي
يسابقها طرفه..كلما تقدمت..
يزداد طولا يضمحل سواده ..يتمازج مع الظلام على مهل ..مثلما تذوب هي في السكون
على ملل .. ضميرها يعذبها..البرد يلامس العظم .. ..تتوقف ..اضاعت
طرقها..تاهت..المخاوف تطوق خيالها ..تلمح خيالات ..اعين تقدح وراء صفحة
الظلام..تسامع صرخات مكتومة لحماتها ..البكماء..من وراءها ...تتماثل تصاوير الخوف
والجزع من حولها ..تحس بحركة خفيفة قربها......!!!!.
هو //
و مثل امه .... ان لم ينعقد لسانه..فقد
اضمحلت بشاشته
ونشاطه..وحور لنوع من جمود الاعصاب وثقل ردة الفعل ..فلا
مفرحا يحركه..ولا حدثا يعنفه..--ضريبة صراعات الصمود
مكلفة دوما --.
-- لم تقطع عزلته وانتباذ ذاته الا دمع امه.. في آخر رحلة اياب
له.انذاك الطبيعة ترحب بقدوم الربيع..وهي تترجاه ان يتزوج
..** اماه**..كانت قد اعدت كل ما يلزم.وتدبرت امر اختيار
شريكة حياته..الحقيقة انه الان تختلج في قلبه حرقة..لم يعهدها
ابدا...اتجاه مختارة امه...هوس غير متناهي ..--كم يصعب علينا
ترجمة ما يعتصرباناة القلب--. يعود ليتلمس العلبة بجيبه..مطرقا
في الفراغ..كمتوحد..
هي// واذا بها تسترجع نفسا
طويلا...وهي تفتح اجفانها ..بثقل..يضايقهما ضياء المصباح ..بغرفتها.تتنفس الصعداء
...تغلق حماتها النافذة..خف زمهرير الريح..تقترب منها ..بابتسامتها الحنية..تميط فوقها
الغطاء ..تربت عليها..بكماء..لكنها تتكلم لغة غير لغة اللسان..ارقى لغات الانسان..لغة
الامومة...لغة الحنان..تنسحب في رفق....
- احست ثلجة براحة بعد ما افاقت من كابوس ...تراجع اثار ه ...تستعيذ من
العدو.......---
هو//
صافرة تصرخ..من القطار ..تنبئ بالوصول
.قطعت فيافي تفكيره .توقفت الحركة ..نزل..لا سيارات اجرة..تمام منتصف
الليل..يمشي اتجاه الشمال..نحو الحي الفوضوي ..**اه يا زمن
.كمثل هذا الوقت..كنت مبتعدا عن البيت..**..انباه زميله في
السفر والعمل آنذاك ..اشعار بالتوجه للجنوب ..ضروري..بعد
ايام قليلة ..من زواجه..ايام..اعقبتها شهور...**هذا
امتهان..مذلة..**اخيرا ثار ..ثار على نفسه..لنفسه..لحياته..
..ترك العمل..ليس الة.
--- يحسم ذكرياته..بدا هيكل بيته عند اخر الطريق.
وقف امام البيت..خلعت جموده فرحة مرتسمة ببسمته ..دفئ من
الداخل ..يغالب قر الشتاء من خارج..باب البيت..رفع قبضته
..يدق دقتين ويردف اخرى اخف وطاة..كما تعود..ثواني ..نور
ينساب من جيوب البيت ..صوت خطوات خفيفة في تناسب مع
لطمات عكاز امه..على البلاط الصلد....
هما //
طرقات من على الباب ...هادئة..دبيب
خطوات حماتها الخفيفة في تناسق مع ضربات عكازها على البلاط....يفتح الباب ...هذا
---بينما الابن والام في وصالهما ..في تخاطبهم ..اي لغة !..لغة
الامومة ....يصل سمعه صدى صوت .من جوف غرفته ..هذا **
رابح!!! ** **