نود أن ن طرح سؤالا جوهريا حول يتعلق بثورة يوليو .. هل اتسم نظام حكم عبد الناصر بالإلحاد والكفر والإبتعاد عن الدين فعلا .. أم أن الناصرية كانت وثيقة الصلة بالإسلام كما صرح المـــــــــفكر الإسلامى محمد عمارة ؟؟



يمكن استخلاص الحكم على نظام حكم ما من خلال التعرف على طبيعة الأفكار والعقائد والتصورات السائدة فى المجتمع .. من خلال منظومة الفنون والثقافة والتعليم والإعلام التى ينتهجها نظام الحكم من خلال المنابر القومية التى يسيطر عليها بشكل فعلى .. مع الأخذ فى الإعتبار أنه فى الغرب تكون مثل تلك المنابر القومية و الرسمية تعبيرا حقيقيا ودقيقا عن المجتمع ذاته بشرائحه المتعددة .. أما فى الشرق عموما وفى بلاد المسلمين على وجه الخصوص .. فإن تلك المنابر الفنية والثقافية والتعليمية والإعلامية تخضع فى الغالب لسياسة نخبوية موجهة تستهدف تعليم الشعب وتعويده ( باعتباره قاصرا ) على تقبل مثل تلك الفنون والثقافات .. حتى يستقيم المجتمع مع الأيدلوجيات والأفكار التى يطرحها نظام الحكم لاسيما فى أعقاب الثورات الشاملة .. أى أن مهمة القائمين عليها ليس تعليم الشعب العلم والثقافة فحسب .. بل تعليمه الأدب فى أحيان .. وقلة الأدب فى أحيان أخرى كثيرة .. أو بمعنى آخر تكون مهمة تلك المنابر تغيير عقيدة الشعب وتصوراته وأفكاره وموازينه بحيث تصبح متطابقة مع عقيدة النخبة الحاكمة وأيدلوجيتها ؟؟


فما هى طبيعة الفنون والثقافة والتعليم والإعلام التى كانت منتشرة فى فترة المد الثورى من ( 1961 إلى 1967 ) ومازالت هى المسيطرة حتى يومنا هذا ؟؟



^ فى الفنون .. لايختلف اثنان على أن تلك المرحلة الناصرية اتسمت بالوساخة الأخلاقية .. ويكفى أن إباحية الفن فى صوره المتعددة فى تلك الفترة صارت من السمات المميزة لتلك الفنون .. ويكفى مثلا أن تشاهد أى فيلم من أفلام الستينيات حتى تدرك بالبصر قبل البصيرة طبيعة تلك الأخلاقيات التى سادت أوساط النخبة الحاكمة فى ذلك الوقت .. وهى النخبة التى كانت تسيطر على كل وسائل الإعلام والإعلان والصحافة والسينما والمسرح حتى الخطابات الشخصية .. وبالتالى فلا مجال للقول بأن الخصصة وأطماع المستثمرين هى السبب .. فالفساد الإخلاقى كان للأسف الشديد هو السمة المميزة لأخلاقيات الـنخبة الحاكمة .. والتى انعكست بدورها على قطاعات واسعة من الشعب وخآصة الشباب والفتيات فانتشرت الملابس العارية والخليعة وصار الميكرو جيب هو الزى الرسمى للسيدات والفتيات .. وشاع الإختلاط الفاحش بين الفتيات والفتيان .. وصار من السهل على أى عامل أو فلاح أو طالب العلم أن يرى الإشراقات الثورية الداخلية والشفافة لزميلته وجارته فى الشارع والجامعة والمصنع دون أدنى مجهود .. وفشل عبد الناصر أو لم يحاول من الأساس فرض زى قومى يتماشى مع أخلاقيات وشرائع و عادات المسلمين أو العرب .. بل سادت كل الموضات الغربية والصهيونية والإمبريالية عبر أجهزة الإعلام ومنابر الصحافة القومية .. مع أنه كان يفرض كل شىء !!




^ وفى المجال الثقافى الذى لايبعد كثيرا عن المجال الفنى .. يقول العلامة أبو الحسن الندوى فى كتابه ( الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة العربية ) : (( استمر تدفق الثقافة الأجنبية ، ولم تزل الدعوة إلى التغريب والفلسفات الغربية المادية التى ترد إلى البلاد من الخارج ، وتطوع لنشرها وشرحها كبار الأدباء والكتاب فى البلد ، تعمل عملها الطبيعى فى أذهان الناس وتلتهمها الطبقة الجامعية المثقفة والشباب الناشىء والضباط فى الجيش وكل ثائر على الأوضاع الفاسدة السائدة التى لاتطاق ، وتظهر فى هذه الأغراض كتب ومؤلفات يقرؤها الشبان عند المراهقة الفكرية فيسيغونها وتصبح جزءا من فكرتهم وعقيدتهم ومطامحهم فى الحياة ، وينظرون إلى هذه الفلسفات كالطريق الوحيد للنهضة بالبلاد ومجاراة الدول والأقطار الحرة الراقية ، وتعجز المعارف ووسائل التربية والتوجيه والأدب المقبول عن أن تخلق فى هؤلاء تفكيرا أسمى وطموحا أبعد من هذه الخطط التقليدية المرسومة المرددة فى كل بلد ، والتى سبق إليها كمال أتاتورك ، وتحققت له الزعامة فى حركة التغريب ، وتطوير البلاد والمجتمع والعقلية من الأساس الإسلامى الإيمانى إلى الأساس الغربى المادى ، فيحاولون تقليدها وتطبيقها فى بلادهم باختلاف نوع القومية ، وبزيادة الإشتراكية التى لم تبلغ فى عصر أتاتورك هذا الطور الواضح المتميز القوى ، ولم تكسب هذه السيطرة وهذا السحر على العقول والأفكار ، لم يبق لهذه الطبقة إلا أن تتولى القيادة وتجـــــد فرصة لتطبيق مخططها الفكرى ** !!


^ ويقول كذلك : (( قدمت القومية العربية لا على اعتبار نسبتها للإسلام ، ولكن باعتبارها دين جديد وعقيدة جديدة تنسخ الدين الإسلامى والعقيدة الإسلامية .. وشجعت النخبة الحاكمة الكتاب والشعراء والأدباء على ذلك الإتجاه .. وجعلوها الهدف الأسمى الذى يتغنى به الجميع .. وأصبح العرب والعروبة تشارك الله فى العزة والكرامة ..فيقول القائلون : (( العزة لله وللعرب )) ويرحبون بكل من يغلو فى ذلك ويبالغ .. ولو وصل إلى الكفر وخرج من الإسلام ، ويشجعون على ذلك بالجوائز والصلات وأنواع التحبيذ وأساليب التحسين ، وأرخو العنان للكتاب والصحفيين يسترسلون فى ذلك ما شاؤوا ،وسمحوا للصحف أن تستهزىء بالدين وشعائره ومقدساته ، وتنتهك الحرمات ، وتنشر فى المجتمع الخلاعة والإستهتار والميوعة ولم يزدها التأميم إلا خبالا وإسرافا فى نشر الصور العارية الخليعة ، والروايات الماجنة والقصص الغرامية ، وأخبار الحوادث المثيرة للغريزة الجنسية والإجرام ، حتى يتطور المجتمع وتتطور العقلية ، وتأخذ لونها المادى ، وطابعها الإشتراكى !! واتخذوا من تطوير المجتمع خطوات ايجابية أخرى ، كتطوير الأزهر ، وإلغاء المحاكم الشرعية ، والقضاء الشرعى والوقف الشرعى ، ومن التعليم المختلط والعناية الزائدة بالبرامج الثقافية والرقص والغناء !!





الدور التخريبى لمنظمة الشباب !!

^ وعلى الرغم من أن ناصر تخلص من القيادات الشيوعية فى أعقاب حملة العداء بين عبد الناصر وعبد الكريم قاسم ، وألقى بها فى غياهب السجون المظلمة .. إلا أنه اعتمد بعد ذلك كلية على الفكر الشيوعى الذى ساد المجتمع كله فى الإذاعة والتليفزيون والسينما والمسرح وفى الشارع والجامعة بل وفى دور العبادة أيضا .. وأنشأ على صبرى ما يسمى بمنظمة الشباب .. لإثبات ولاءه لعبد الناصر ، وقادها التنظيم الطليعى الذى يمارس حتى يومنا دوره التخريبى فى مجالات التعليم والإعلام والثقافة .. مؤكدا على حقيقة ذكرها الدكتور الدسوقى أباظة فى البرنامج الموجه ( الإتجاه المعكوس ) وأنكرها الناصرى المتعصب حمدين صباحى .. وهى أن الناصريين مازالوا حتى يومنا هذا يحكمون مصر .. لقد انشئت هذه المنظمة الشيوعية من أجل غسل الأدمغة والعقول من كل القيم والعقائد والأخلاق ، وتلقينها فنون الإلحاد والإباحية مغلفة ببعض العبارات طويلة التيلة .. ولذلك فقد كانت مقراتها أوكارا لممارسة الرزيلة بين الشباب والفتيات .. لقد أنشئت تلك المنظمة الإلحادية أيضا من أجل أن تتصدى للجيش .. إذا ما قام بتحرك مضـــاد ضد عبد الناصر !!


^ فانتشار الإلحاد والكفر والزندقة والإباحية فى زمن عبد الناصر وخصوصا فى الستينات إذن حقائق تاريخية ثابتة .. ويكفيك نظرة واحدة إلى أى حفل وطنى قديم .. فلن تجد ولا امرأة واحدة ترتدى الحجاب أو تستر عورتها كما أمرها الله .. اللهم إلا بعض العجائز .. ثم خلو دور العبادة من المصلين دليل آخر على طبيعة المرحلة .. ناهيك عن الأغنية التى كانت تذيعها الإذاعة المصرية كثيرا والتى يقول مطلعها : يابو زعيزع قم صلى .. خللى مراتك تقللى .. وناهيك أيضا عما كان يحدث كثيرا من بعض المحاكم الصورية التى كان يتصدرها قيادات الثورة .. من مطالبة المتهمين فى قضايا الإخوان أن يقرأوا الفاتحة بالمقلوب ؟؟