تجلس الان في مكتبها وعينها مركزة على صفحة بيضاء .... تخط بها احرف .... حرفاً تلو الحرف ....
تفكر في حياتها في نفسها .... عقلها كجهاز حاسوب ملئ بالاحداث والصراعات ... يحاول جاهداً ان يعالج المعلومات ... لكي يخرج بياناته ....
عبثاً ... هل امتلأت الذاكرة ... ام هناك عطل في احد المفاتيح ... ام الوصلات الكهربائية ... الله اعلم ....
تفكر في حياتها وترى ابوابها مغلقة .... التزاماتها كثيرة .... لا تعلم من اين تبدأ .... ولا كيف تنهي امراً .... تقف هناك فقط وتتأمل ... ماذا بعد
دائما ً تتذكر حلمها البسيط ... اسرة دافئة .... وكفاح .... ونجاح .....
لقد اخذت اصعب قرار يمكن لانثى ان تأخده .... لم تكن مقتنعة ... ولكنها دائماً تسأل نفسها ....
لو ان هنالك خياران لك ... ان تفعل الصح ... ام ان تفعل ما يتماشى مع مصلحتك .... ايهما تختار ...؟
فتاتي هنا كانت دائماً تختار ان تفعل الصح ... حتى لو لم يتماشى مع مصلحتها ... ومن هنا بدأت مشكلتها ....
انها كانت زوجة ... تحملت واحتضنت ليس فقط زوجها بل ابنه وابنتيها ... دافعت عنه في اصعب الظروف وتحملت قسوة الحياة .... حتى قسى عليها هو ... وانكرها
وفضل اخرى .... تركها مع اطفالها ... لها طفلة مريضة ... اضطرت ان تعمل لتعيل اسرتها .... بكل بساطة ... توصل اطفالها الى مدرستهم .. تذهب للعمل ... لتعود وتحضر اغراض المنزل
و عند دخولها المنزل يستقبلها ابناءها بالترحاب والابتسامة النضرة ... لتجهيز الطعام وتفرغ الحاجيات ... وتدرس ان استطاعت ليلتها .... وبعدها تحتضن ابنتيها وتنام ... وهكذا ....
اب وام واخ وصديق وعامل و سائق وممرضة و طبيب وخادمة ووووو كلهم هي وهي تقول الحمد الله لقد تركها هكذا منذ ان كان عمرها 37 عاما ًوهي الان في 42 وما زال الطريق طويل امامها ...
حلمها صار ابسط ... انها تحلم ان تسقط على الارض لتعبر عن ضعفها وقلة حيلتها ... لتقول كفى .... فقط كلمة كفى ... غياب عنصر الاب والزوج لم يعطها الفرصة لتقف او تجلس لا يهم وترى نفسها ضعيفة ... عقلها الصغير دائم العمل والتفكير حتى في المنام ... كيف وكيف وكيف واذا حصل هذا سأعمل ذاك .... تقول دائماً بلغة الاستهزاء متى سوف اعمل Shut Down
تجلس احيانا في المكتب وتتحدث مع جهازها وتقول له اغار منك لان لك كبسة تطفئك بمجرد انقطاع الكهرباء عنك .. تذهب في سبات وتدخل عالما من العدم ...
انها خائفة الان ... خائفة من ان لا تستطيع ان تلعب تلك الادوار جميعها ... خائفة من المجهول ومعها طفلتيها ....
هي ... ومن هي ؟ هل هي قوية ام ضعيفة ... هل هي تائه ام تعلم ماذا تريد ... هل هي صح ام خطأ ....
ما عيبها تسأل هي دائما ً ... وفي اوج يأسها تقول الحمد الله ولا حول ولا قوة الا بالله ....
أعزائي ....
هي لم تكره احد حتى من تسبب في عذابها .... وهي راضية ... بالواقع هي الان تبتسم ... وتعلم علم اليقين انها قد ابتليت محبتاً في الله ... وان لها جزاء حسناً ... لا انكر انها تخطئ فهي عصبية بعض الشئ خاصة عند السواقة ... وهي الان تتعلم كيف تلجم لسانها عن العصبية و تلبسه الاستغفار دائماً ...
هي من احبها الله ... اللهم ادم عليها نعمة الاسلام ... والزمها دينها ... ليكون الناقوس الوحيد في حياتها ... ومرفأ سلامها وسلامة ابنتيها
دمتم بخير ...