صنعة الشاعر من خلال العطف

العطف معناه التشريك وأصله مساعدة العامل في الوصول الى المعمول مثل مساعدة الفعل في الوصول للفاعل مثل قام زيد عمرو .
تقول قام زيد وعمرو .
فواو العطف ساعدت العامل وهو الفعل قام في العمل في معمولين زيد وعمرو بأن أوصلته الى عمرو بينما الفعل وصل بنفسه الى زيد .
هذا هو العطف ويكون في المفردات أي ليس جملة ويكون في الجمل .
وهنا نبدأ الموضوع : ماهي المعاني النحوية التي في العطف ؟
١- معنى ناتج من التشريك في الإعراب .
مثل قام زيد وعمرو فعمرو أيضا فاعل في المعنى أي انه وزيد تشاركا في القيام بالفعل .
وكذلك معنى حرف العطف.
٢-معنى عادي .
هذا في الجمل التي لامحل لها من الإعراب .
٣-معنى ناتج من ترتيب المعطوفات .
هذا هو الذي فيه الكلام .
اول مرة أقرأ عبارة(مجموع جمل)كان في كتاب دلائل الإعجاز للشيخ عبدالقاهر الجرجاني رحمه الله وجزاه خيرا عن العلم الذي علمنا إياه . اللهم آمين .
ترتيب المعطوفات قد يعني أن هناك عطف في العطف يعني جملة او كلمة معطوفة عل مثلها ومجموع هذا العطف معطوف على جملة أو كلمة وهكذا .
له أيطلا ظبي وساقا نعامة
وإرخاء سرحان وتقريب تتفل
أول افهم المعنى العادي وهو هنا المعنى الناتج من التشريك في الإعراب إذا قلنا أن العطف هو عطف مفردات ويمكن أن نقول أنه عطف جمل ولذلك قلت المعنى العادي لان هذه الجمل لامحل لها من الإعراب .
هذا تشبيه أربعة تشبيهات معطوفة على بعضها البعض وهذا يعني أننا نحتاج الى التامل لمعرفة هذا التشبيه .
أهم شيء تركيب الصورة أي ان هناك معطوفات هي جزء من الصورة الحسية والشاعر عطفها على بعض لأنه يقوم بتركيب الصورة وكذلك هناك معطوفات ليست جزءا من تركيب الصورة .
أقصد أن الشعر كلام مصنوع ونحن نفهمه من خلال صنعة الشاعر لانه كلام مصنوع منه .
فتحليلنا إنما هو تتبع للمسات الشاعر في صناعة المعنى أو الصورة .
وكان الشاعر رسام ونحن نتابع فرشاته وألوانه ونقول حرك الفرشاة من هنا الى هنا ونسير مع حركة الفرشاة ثم نقول لماذا وضع هذا اللون هنا وهذا اللون هنا لان الرسم له معاني مثل المعاني النحوية .
أيطلا ظبي هما خاصرتا الظبي أي المنطقة التي بين الضلع وعظمة الفخذ أي الخصر تكون ظامرة عن الظبي وأيضا الفهد والكلب السلوقي .
وإرخاء السرحان قيل هو الخبب موع من العدو أو الجري وتقريب التتفل نوع من العدو مثل عدو الفهد السريع يدان قدمان وتكون القدمان في موضع اليدين أثناء العدو ويحتاج الحصان ليقوم بهذا العدو الى أيطلان كأيطلي الظبي وهذا هو الهيف أهيف هيفاء أفعل فعلاء أخضر خضراء أعرج عرجاء يكون في الألوان وصفات الجسم .
إذاً هناك نوعان من العدو وهناك أعضاء الجسم التي تقوم بهذا العدو .
هل لاحظت معنى ترتيب المعطوفات يعني العطف هكذا :
(له أيطلا ظبي وساقانعامة)و(إرخاء سرحان وتريب تتفل).
أي أن تركيب الصورة هو ساقا نعامة فوقهما أيطلا ظبي ثم مشهد الحصان وهو يعدو ذلك النوعين من العدو .
فساقا النعامة المركب فوقهما أيطلا الظبي مكنا الحصان من القيام بهذين النوعين من العدو .
عطف مجموع معطوفين اثنين على مجموع معطوفين اثنين .
افعلى أي أساس يكون هذا العطف .
على أساس صنعة الشاعر وبهذا صار العطف وعدم العطف هما نصف البلاغة لأن لهما علاقة بجميع الأساليب من خلال صنعة الشاعر لأن المعاني تتوالى على شكل جمل والجمل قد تحتاج الى العطف أو عدم العطف حسب ماتقتضيه صنعة الشاعر .
يقول كشك:
مالهذا الغصن مال
وارتمى نحوي دلالا
يمكن ان يقال مالهذا الغصن ارتمى نحوي دلالا .
لكن كما قلت لك توالي الجمل يعني توالي المعاني أي أن في كلمة مال معنى في نفس الشاعر كما ان في كلمة ارتمى معنى أيضا في نفسه ومن هنا ولد العطف .
اي حركتان مال وارتمى .
لماذا مال ؟
ليرتمي نحو الشاعر .
ولماذا ارتمى نحو الشاعر؟
دلالا
ولماذا يتدلل على الشاعر؟
أي ان هناك ثلاثة استفهامات:
مالهذا الغصن مال؟
مالهذا الغصن ارتمى نحو الشاعر؟
مالهذا الغصن يتدلل على الشاعر؟
واستفهامان معطوفان على استفهام أي ارتماء الغصن ودلاله معطوفان على ميله او ميلانه .
كيف هذا ؟
هذا من دقة إتقان الصنعة .
عطف الخاص على العام وأقصد من خلال صناعة المعنى وليس عطف الخاص على العام المعروف في العطف إذ أن ميلان الغصن شيئا عاما إذ قد يميل الغصن من الرياح او يحركه شخص ولذلك لم يقل مال نحوي فلم يقيد الفعل لكن الارتماء قيده بنحوي لأنه خاص فالارتماء والدلال خاصان بالشاعر ومن هنا يكون للميلان خصوصية يكتسبها بعطف الارتماء دلالا عليه .
هل لاحظتم كيف أننا نتعرف على صنعة الشاعر من خلال العطف والكلام البليغ صفته أنك كلما زدته تأملا زادك معنى والعطف هو اهم أدوات التأمل في الكلام البليغ .
لماذا الغصن يتدلل على كشك ؟
الارتماء والدلال شيء واحد فالارتماء هو الجانب الحسي ودلالا هو المعنوي فلاحظ كيف عطفهما على الميلان .
أي أن كشكا لما ارتمى الغصن نحوه عرف أن يتدلل عليه لكن الغصن لما كان لايتكلم عبر عن مشاعره بالارتماء .
وصف الطبيعة عند كشك هو قصة حب هو يحب الطبيعة والطبيعة تحبه أي أنه يحب الطبيعة ويعتقد أن الطبيعة تحبه فارتماء الغصن هو من تدلل المحبوبين على المحبين .
والله أعلم

لماذا قال دلالا ولم يقل متدللا؟
متدللا اسم فاعل فيه الصفة والموصوف لأن فيها ضمير الغصن أي متدللا هو . ودلالا مصدر فيه الصفة ولو قيل دلاله صار فيه الصفة والموصوف ويدل على حدوث الدلال لأن الضمير الهاء هو الفاعل في المعنى .
لاحظ ارتمى دلالا أليس الارتماء نوع من الدلال .
والأصل ان يقول تدلل ارتماء لكي تكون الحال نوع من عاملها الفعل أي الارتماء نوع من التدلل يعني أن التدلل أنواع منه الارتماء اي ان الحال المصدر يكثر أن تكون نوعا من عاملها لكنه قال ارتمى دلالا حملا على المعنى أي انه جعل الدلال نوع من الارتماء لأن هذه هي لغة الغصن أي الدلال عند الأغصان هو نوع من الارتماء أي أن الأغصان تعبر عن مشاعرها بالارتماء فنقول ارتمى الغصن حبا وارتمى دلالا وارتمى عشقا فصار الارتماء أنواع . وهذا من دقة الصنعة عند كشك بالفطرة