قرأت قصيدة قبل أيام فقلت وي هذا رصاص وليس كلاما وأعجبني أني قد تكلمت على هذا النمط من الشعر قبل فترة وقد يظن الشاعر أني أتكلم عن الشعر عامة لا ليس كذلك بل إني دائما أتكلم على شيء معين أي أشكال وأنماط معينة لكن لا أذكرها .
إذا صدر الشعر عن عاطفة متهيجة فإنه لابد أن يكون موصوفا بقوة التأثير وأقصد أن عاطفة الشاعر تتوقد ويكون الشاعر متأثرا جدا ثم يقول الشعر وهو في هذه الحال .
هذه الطريقة في قول الشعر ليست مثل طريقة أن ينثر الشاعر كنانة أدواته الفنية ويصنع المعنى وكلاهما جميل وله جمهور لكن قوة التأثير تكون للعاطفة أكثر من الصناعة حتى تأثير الصناعة أحيانا يكون مثل عاطفة الذكاء الصناعي فالشيء المصطنع ليس مثل الشيء الطبيعي .
يظن البعض أن الصنعة ضرورية جدا وأن الشاعر الجيد هو المتمكن من أدواته الفنية لكن تلك القصيدة التي كلماتها كالرصاص تقول لهم لا .
أشياء كثيرة يوجد منها نسختان وبعضها نوعان فالنسختان مثل :
النحو وعلم النحو
البلاغة وعلم البلاغة
العروض وعلم العروض
نسخة السليقة والفطرة ونسخة العلم الذي هو تصور العلماء للسليقة والفطرة .
نسحة السليقة مخزنة في موضع ونسخة العلم مخزنة في موضع وأثناء مانسميه الصناعة في الشعر تعمل نسخة العلم أكثر .
هذا الكلام إنما أقوله عن علم وعن تجربة على أحد الشعراء استنتجت منها هذا الكلام إذ كان ذلك الشاعر ينقح شعره دائما فاستغليت هذا الأمر إذ أن تنقيحه لشعره يدل على أنه يعمل عقله في النص أي أنه يستخدم الموضع الذي مخزن فيه نسخة العلم أكثر أثناء التنقيح وذات مرة صدته الصيد الذي أريده .
هو كان ينشر القصيدة ثم ينقحها ويعيد نشرها وأنا أتابعه صامتا حتى صدته في أسلوب أنا متأكد بإذن الله أنه مخزن في سليقته وغير مخزن في نسخة العلم الذي عنده .
مستحيل أنه يعرف هذا الأسلوب علميا أعتقد هذا لأنه لما نشر القصيدة لم يخطىء في الأسلوب ثم لما نقح القصيدة وأعاد نشرها أخطأ في الأسلوب خطأ لغويا مما يدل على أنه استخدم سليقته قبل التنقيح في إنشاء الأسلوب ثم لما نقح القصيدة استخدم عقله المفكر والذي يحفظ فيه العلم فأخطأ لأنه لايحفظ في هذا الموضع شيئا عن هذا الأسلوب .
السليقة أقوى من العلم إنما العلم هو تصور للسليقة ولذلك قد يكون العلم خطأ لكن السليقة لايمكن أن تكون خطأ لأنها الأصل وليست التصور .
يصنع القصيدة عقلان عقل فيه صنعة فطرية مكتسبة لا إرادية وعقل فيه صنعة إرادية مكتسبة وعلما أيضا وقد قلت بهذا منذ زمن لما لاحظت أن السليقي والنحوي لايمكن أن تكون نسخة السليقي الفطرية من النحو موجودة في نفس موضع النسخة العلمية للنحو عند النحوي فأنا أقصد بالعقلين موضعين في العقل وعلم الأحياء يقول شيئا كهذا فأعجبني هذا لأنه يعني أن كلامي صواب ولله الحمد والشكر .
ومن أعجب الأشياء في هذا الموضوع أني قرأت أن المواضع المسؤولة عن نطق الإنسان وكلامه الموجودة عقله موجود مثلها في عقل القرد .
فكيف نطق الإنسان ولم ينطق القرد؟
وجدوا منطقتين في عقل القرد تشبه عقل الإنسان منطقة مسؤولة عن الصوتيات أي الألفاظ ومنطقة مسؤولة عن وضع الرموز في الكلام التي نسميها العلاقات النحوية .
وفي القرآن الكريم(علمه البيان)معناها هيأ عقله أن يتعلم البيام واللغة لأنه يتعلمهما وهو طفل فلا بد أن يكون عقله مهيأ لهذا ولذلك فسر الشيخ أبوموسى علمه البيان بهيأ عقله أن يتعلم البيان .
والله أعلم