موتُ انا ..
فاطمة اسماعيل
اجراس الكنائس تصرخ ، و ماذن الجوامع تجرح بأصواتها، ضجت الطرقات والهواء مثقوب بالحزن ، والسحب دمع خجول .
كم كانت طيبة .. لم تكن تشكو ، ان مرت بيننا لانشعر بمرورها ، كنسمة عليلة كانت تمر .. و كعصفورة بيضاء كانت ترفرف بأجنحة الروح . ..
لم تحقق حلمها بأن تتجسد روحها بنفسها ، كل الاغنيات كانت تناشدها ، منذ ايام كانت تلعب في قلبي و بعدما يئست من حلم ان تكون هي.. و لكن .. ماتت و حلمها ..
اليوم دفنها كما اعلنوه لها ، الكل مجتمع ، القاتل و المساعد ، و خبأوا اثار الجريمة و معداتها جيدا، و بأيديهم الاقلام التي خطت نعوتها قبل أن تسلم عينيها للرحيل ، وعلى يمين القبر يقف من هيأ مكان الجريمة و حدد موعدها يخطب بي و بهم _ و بأي حق و من هو ؟؟_، و على اليسار يهتف المتفرجون بالبكاء ..
اللون ذاته يتكرر ، يرتديهم ، هو الان اجمل الواني ، صرت منه ارى عيوني .
اليوم تحقق حلمها ، كانت نهاية جميلة ، كان حلما اعيشه رائعا ، و الان و قد اجتاحتني اعاصير موت ، صرت جسدا بلا روح ، كانت انا ، و كنت هي ، جمعتنا احلامنا ، و جمعتنا انا ، كان مسكنها قلبي ، ماتت و هو، مثلما تموت الوردة في مجتمع الزيف ..
اليوم .. لم اعد اشعر بالوحدة ، لأنني لم اعد اشعر اصلا ، صرت جسدا فقد روحه ، و اغنية بلا لحن ، و عودا بلا وتر ، و حلم موت قد تجسدني ...
الكل الذي ادعى الوقوف امامها و يعزيني بنفسي ، رحل .. و انا بقيت .. بقيت اراقبها تتعذب ، و اجمع اشلاء احزانها لأرميها معها في مقبرة كل يوم ، ، بقيت اراقبها و هي ترحل ، فقد ودعتها منذ الاف السنين ، كانت على يقينِ من رحيلها ، عرفتني جيدا ،/ بأني لن اكون هي بعد رحيلها ، و حدثتني عنه كثيرا ...
جلست عند قبرها ، اراقب الواحتين _ عينيها_التي اجتمعت فيهما كل امطار السماء .. اراقب المركبتين شفتيها _ اللتين لطالما حلمت بالابحارفيهما في بحر الشعر و الحب ، اتأمل الورود التي هربت من حقولها لتجتمع في حقول خديها ..
سرحت و سرحت الى ان وصلنا الى المكان ذاته حيث التقينا ، و صلنا الى ابعد من هنا ابعد من الهدوء الى الخيال الى حيث لا احد ..
اليوم .. ودعت كل احلامي .. لأني لن احلم دون نفسي ...
دفنوها كما يدفنون الجميع ، ظنوها كما الجميع تعود الى التراب ... اما حقيقتها فاسمى من كل البشر ، حلمها حمل الحياة بأكملها ، حلمها كان الحرية ...
حملتها ... وقفت تحت الشجرة التي دفنتْ بيدها تحت ظلها احلامَها ..رفعت يديّ الى السماء ، و كالطير مال جناحاها حتى وصلت الى ابعد النجوم و منذ ذلك الحين ، انا و النجوم أعز اصدقاء ...
________
رشة قوس قزح .