ما لم يُسمِّه الخليل

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
هذه نافذة لتسمية ما لم يسمِّه الخليل من ظواهر عروضية، سأجعل فيها ما أظنه فاتَ أهل العروض من التسميات.
وإذا وجَد أحدٌ منكم تسميةً لم أطّلع عليها ، فليفدنا بها، مع ذكر الكتاب والمؤلف، مأجوراً مشكورا ، فالقصد الفائدة.

والله ولي التوفيق

كتبت سابقا هنا في هذا المنتدى المبارك:
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?95426-%D8%AA%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%B6

وقد طالعت تلك المتغيَّرات التي بقيت اليوم غُفْلا، دون تسمية، فوجدتها عِللاً رافقها زحاف الخبن بكثرة، أو أخرى رافقها الطي. وسأستعرض البحور حسب ما ذكرت لك، كما يلي:
(1) الطويل: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(2). المديد: العروض والضرب (حذف + خبن)، (حذف + قصر)
(3). البسيط: من صور مخلع البسيط: العروض والضرب (خبن + قطع)، (الحذذ والخبن)
(4). الوافر: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(5). الكامل: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(6). الهزج: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(7). الرجز: وهو استثناء، فقد سموا (الخبن + القطع) في ضرب الرجز بالكبل.
( 8 ). الرمل: الضرب (خبن + حذف)، وكذلك (خبن + قصر).
(9). السريع: في مفعولات: (الطي + كشف)، و (الطي + وقف). و(خبن + طي + كشف)
(10). المنسرح: في مفعولات: (خبن + كشف).
(11). الخفيف: في مستفعلن (خبن + قصر)،
(12). المضارع: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(13). المقتضب: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(14). المجتث: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(15). المتقارب: لم أجد تغييرا بدون تسمية.
(16). المتدارك: ترفيل + خبن.

هذه مجمل الظواهر وإذا جدَّ جديد سأضيفه، بإذن الله تبارك وتعالى.

المديد:
(1). الخَزْعُ *: وهو اجتماع الحذف و الخبن، أي هو حذف السبب الأخير من آخر التفعيلة، مع حذف ثاني السبب الخفيف الأول. ويقال للعروض: (خَزْعَاءُ)، وللضرب: أخْزَعُ.
يدخل في المديد على (فاعلاتن) فتصير إلى (فاعلن) بالحذف، ثم تصير إلى (فعِلُن) بالخبن. ولا يدخل (فاعلن) لأنَّ آخرها وتد مجموع.
مثال: عروض مجزوءة خزعاء (محذوفة مخبونة)، وضربها أخزعُ مثلها:
قال طَرَفَة بن العَبْدِ:
للفتى عقلٌ يعيشُ بهِ = حيثُ تهدي ساقُهُ قدمَهْ
للفتىـ عقـْ/ لُنْيعيْـ/ شُبهي = حيثُ تَهدي/ ساقهو/ قَدَمَهْ
(/ه//ه/ه) (/ه//ه) (///ه) = (/ه//ه/ه) (/ه//ه) (///ه)
فَاعِلاتُن/ فَاعِلُن/ فَعِلُنْ = فَاعِلاتُن/ فَاعِلُن/ فَعِلُنْ
سالم/ سالم/ خزعاءُ = سالم/ سالم/ أخزع

عبده فايز الزبيدي:
لو تراه سيِّدي خَضِرُ=ظالمٌ قد زانهُ حوَرُ
مائسُ الأعطافِ تحسبُهُ=غصنَ بانٍ راح يهتَصرُ
كاملٌ كالحُوْرِ صنعتهُ=قد شكَكْنا أنَّهُ بشَرُ
ما رأينا مثل خِلْقَتِهِ=جلَّ منْ يعطي ومن يذرُ
لو سألتَ الزَّينَ زورتَهُ=فبديعَ الحُسنِ يعْتذرُ
أو بقولٍ قُمْتُ أشغلهُ=في شجيِّ القولِ يخْتصرُ
فاتنٌ والستْرُ يحْجُبُهُ=عنْ عيونِ النَّاسِ يسْتترُ
كيف صبري عن مَحَاسِنِه= ويح قلبي كيف يصْطَبِرُ
(فَقَريبُ الوصْلِ باعَدهُ= كَيْدُ واشي البَيْنِ والخَطَرُ)
فَقَريبُلْـ/ـوصْلِ با/عَدهُو= كَيْدُ واشِلْـ/ـبَيْنِ ولْـ/ـخَطَرُوْ
(///ه/ه) (/ه//ه) (///ه) = (/ه//ه/ه) (/ه//ه) (///ه)
فَعِلاتُن/ فَاعِلُن/ فَعِلُنْ = فَاعِلاتُن/ فَاعِلُن/ فَعِلُنْ
مخبون/ سالم/ خزعاء = سالم/ سالم/ أخزع

وقال العباس بن الأحنف:
يا غَريبَ الدارِ عَن وَطَنِهْ = مُفرَداً يَبكي عَلى شَجَنِهْ
شَفَّهُ ما شَفَّني فَبَكى = كُلُّنا يَبكي عَلى سَكَنِهْ
وَلَقَد زادَ الفُؤادَ شَجاً = طائِرٌ يَبكي عَلى فَنَنِهْ
كُلَّما جَدَّ البُكاءُ بِهِ = دَبَّتِ الأَسقامُ في بَدَنِهْ
كُلْلَما جَدْ/ دَلبُكا/ءُ بِهِي = دَبْبَتِلْأسْـ/ ـقامُ في/ بَدَنِهْ
(/ه//ه/ه) (/ه//ه) (///ه) = (/ه//ه/ه) (/ه//ه) (///ه)
فاعلاتنْ/ فاعِلنْ/ فعِلنْ = فاعلاتنْ/ فاعِلنْ/ فعِلنْ
سالم/ سالم/ خزعاءُ = سالم/ سالم/ أخزع

.....................
* الخَزْعُ لغة القطع.

ويسرني توجيهكم ونصحكم في لطفٍ، فالمرء قليلٌ بنفسِهِ كثيرٌ بإخوانه.

المديد
(2). الكَسْعُ: هو اجتماع التشعيث والقصر، أي حذف أحد متحركي الوتد المجموع، مع حذف ثاني السبب الخفيف_من آخر التفعيلة_ وتسكين ما قبله في العروض والضرب. ويقال للضرب: أكْسَعُ، والعروض: كَسْعَاءُ.
عروض مشطورة مجزوءة، كسعاء (مشعثة مقصورة)، وعروضه ضربه:
قال عبده بن فايز الزبيدي:
كَمْ بَنَيْنَا في الهَوَى آمالْ
حالَ فيْما بَيْنَنَا أحْوالْ
إنَّ بعضَ الحالِ كالآجَالْ
إنْنَ بَعْضَلْـ/ ـحالِ كَلْـ/ أاْجَالْ
فاعلاتن/ فاعِلن/ فعْلانْ
سالم/ سالم/ كسعاء (أكسع).

السؤال: هل يقع في المديد تشعيث؟
التشعيث: هو حذف أحد متحركي الوتد المجموع من (فاعلاتن) التي في الضرب أو العروض، فتصبح به (فالاتن) أو (فاعاتن) ثم تنقل إلى (مفعولن).
والمشهور أن التشعيث مختصّ بالبحر الخفيف، ولكن لا مانع عندي من إجرائه في المديد والرمل، لسببين، هما:
(1). أنهم قد أجروه في المتدارك، على قول من قال إنَّ (فعْلن) هي من تشعيث (فاعلن)، وبعضهم قال بل فيه القطع، وقيل بل فيها الخبن ثم الإضمار.
(2). وردت نماذج من المديد مشعَّثة. وإن كانت قليلة نادرة، ولكن وجودها يكفي لقبولها، فكثير من صور البحور النادرة، قُبلت للشواهد التي قيلت فيها، وإن كان معظمها بلا نسبة، وبعضها جاء على صورةِ بيتٍ يتيم.

وأرحب بالحوار الهادف الجادّ من أهل الاختصاص، وكما قال الإمام الشافعي: (قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب)، وبارك الله في الجميع!

المديد(3)
[المنصوف]
المَنْصُوْفُ* هو مَجْزُوءُ المَجْزُوءِ، وهو الذي ذهب نصف وزنه من على الدائرة.
ويكون في البحور الخليلية المثمنة، أي التي يتألف بيتها من ثمانية أجزاء، كالطويل والمديد والبسيط، والمتقارب والمتدارك.
المنصوف من الطويل:
فعولن مفاعيلن = فعولن مفاعيلن
المنصوف من المديد:
فاعلاتن فاعلن = فاعلاتن فاعلن
المنصوف من البسيط:
مستفعلن فاعلن = مستفعلن فاعلن
المنصوف من المتقارب:
فعولن فعولن = فعولن فعولن
المنصوف من المتدارك:
فاعلن فاعلن = فاعلن فاعلن
فعِلنْ فعِلنْ = فعِلنْ فعِلنْ
فَعْلنُ فَعْلنُ = فَعْلنُ فَعْلنُ

والمنصوفات جمع منصوفة، أي البحور المنصَّفة، وتقع هذه الأوزان في بحور الدائرة الأولى المُخْتَلِفِ، والدائرة الخامسة المُتَّفِق.
ووقع هذا النمط من تلك الأوزان لأنها تتألف من تناوب التفاعيل الخماسية والسباعية، أو العكس، في الدائرة الأولى.
بينما تتألف بحور الدائرة الخامسة، من تفاعيل خماسية موحدة؛ لأنها بحور صافية أو ساذجة.
و إدراك مثل هذه الصورة، يمنع شبهة الالتباس والتداخل بين بعض البحور.
فمثلا:
(1). عروض منصوفة سالمة، وضربها مثلها:
بُؤْسَ لِلْحَرْبِ الَّتِي = غَادَرَتْ قَوْمي سُدَى
يَا لَبَكْرٍ شَمِّرُوا = شَمَّرَتْ حَرْبٌ لَظَى
فاعلاتن/ فاعِلن = فاعلاتن/ فاعِلن
سالم/ سالم = سالم/ سالم
يجعله بعض العروضيين في الرمل كابن الفرخان، وغيره، وهو خطأ؛ لأن أصل المديد هو: (فاعلاتن فاعِلن)، وهو أولى بالوزن، والتخريج على الأصل أولى من التعسف، و أقل عملاً من تخريجها على غير الأصل، فهذا الوزن لن يكون من الرمل إلا بعد أن يصير مجزوءاً، ثم تحذف عروضه وضربه.

و هنالك من يجعل الشاهد أعلاه في المديد التَّامِّ:
بُؤْسَ لِلْحَرْبِ الَّتِي غَادَرَتْ قَوْمي سُدَى = يَا لَبَكْرٍ شَمِّرُوا شَمَّرَتْ حَرْبٌ لَظَى
وهذا يقوي رأينا في مثل هذه الأوزان.
قال ابن رشيق في العمدة: (المديد: مثمن محدث، مسدس قديم، مربع قديم، أجزاؤه: (فاعلاتن فاعِلن)، ثماني مرات وعلى ذلكم أتى محدثه، وبيت مربعه السالم:
بؤس للحرب التي = غادرت قومي سدى
قال: وهذا شعر قديم،إلا أن الخليل لم يذكره. زحافه: الخبن، الكف، الشكل، القصر، الحذف، الصلم.).

(2). عروض منصوفة سالمة، وضربها منصوف مذيل:
قال ابن الفرخان:
لا تلمني في التصابْ = إنَّ قلبي اليوم غابْ
غابَ قلبي فأنا الـ = ـدَّهْرَ منْ ذاكَ مُصابْ
صرت تحيا بعدنا = ما لذا عندي جوابْ
فاعلاتن/ فاعِلن = فاعلاتن/ فاعِلان
سالم/ سالمة = سالم/ سالم مذيَّل

والكلام عن هذا كالكلام عن سابقه، فهو من المديد، لا من الرمل.

تنويه:
- البحور السداسية يمتنع منها المنصوف، وليس فيها سوى المجزوء والمنهوك. كالكامل والوافر والرجز، والخليل يرى أن المنهوك _الموحَّد_ من السجع.
- البحور السداسية الممزوجة يمتنع منها المنهوك الذي يأتي على تفعيلة واحدة. **
- بعض البحور تستعمل مجزوءة وجوبا
- أمَّا السريع فلا يأتي منه لا مجزوء و لا منهوك، لأنه سيدخل في الرجز كلاماً واحدا.
-
......................
* هناك تسميات لهذه الصور من أوزان البحور، فبعضهم يسميها المربع، وبعضهم يسميها المقصورات أو المقاصير أو المقصرات. لكن أرى أن هذه التسمية _المنصوف_ أوضح وأبين وأقرب للواقع الشعري.
** لأن هناك من يجعل المنهوك من بقي على جزء واحد، وهذا في مثل الرجز والكامل، وهذا بالنظر لشطر السداسي والثماني الصافي. بينما هناك فريق ينظر لعدد أجزاء البيت فيجعل التفعيلتين في السداسي الممزوج: منهوكا. وفي كل التفسيرين يكون المنهوك هو ما ذهب ثلثاه، وهو في السداسي حقيقة لفظية، وفي الثماني مجاز لفظي.

البحر البسيط
الجزم
الجَزْمُ: هو اجتماع الحَذَذِ والخبنِ، أي سقوط الوتد المجموع من آخر التفعيلة، مع سقوط الثاني الساكن، ويدخل على (مستفعلن) فتصير إلى (مُتَفْـ)، فتنقل إلى (فعو)، والجزم يكون في مجزوء البسيط. ولا يقع الجزم في (فاعِلن) مطلقا، لأنه لو دخلها صارت على حرفٍ واحِدٍ، وهذا لا يقوله عاقلٌ.
والجَزمُ من تسميات عبده بن فايز الزبيدي*، لأن (فعو) إذا قورنت بأمِّها (مستفعلن) بَدَتْ كأنها جَزَمَة (قزَم)، ويقال للعروض: مَجْزومة، أي جَزَمَة (قَزَمَة)، وللضربِ: مجْزَومٌ، أي جَزم (قَزَم).
(6). عروض مجزوءة مجزَومَة (حذَّاء مخبونة)، وضربها مثلها:
عَجِبْتُ ما أقربَ الأجَلْ = مِنَّا وما أبعدَ الأمَلْ
عَجِبْتُ ما/ أقْرَبَلْـ/ أَجَلْ = مِنْنَاوما/ أبْعَدَلْـ/ أمَلْ
(//ه//ه) (/ه//ه) (//ه) = (/ه/ه//ه) (/ه//ه) (//ه)
مفاعلن/ فاعلن/ فعُو = مستفعلن/ فاعلن/ فَعَوْ
مخبون/ سالم/ مجزومة = سالم/ سالم/ مجزوم
وأصل الوزن في مجزوء البسيط، هو: مستفعلن فاعلن مستفعلن. وحينَ حُذَّت سقط الوتد المجموع من (مسْتَفْعِلن) فصارتْ إلى (مُسْتَفْـ)، ثم خُبنت فأصبحتْ (مَتَفْـ) فنقلتْ إلى (فَعَلْ). وأرى نقلَ (فَعَلْ) إلى (فَعُوْ)؛ لأن الوقْفَ على الواو الساكنة أحسن في اللفظ ويشابه (فعولن) حين يسقط عنها سببها الخفيف، فتصبح (فعو).
(7). عروض مجزوءة مجزومة (حذاء مخبونة)، وضربها مكبول:
شاهده:
إنَّ شواءً ونَشْوَةً = وَخَبَبَ البَازِلِ الأَمُوْنِ
إنْنَ شوا/ ءَنْ ونَشْـ/ ـوَتَنْ = وَخَبَبَلْـ/ ـبَازِلِ لْـ/أَمُوْنِ
(/ه///ه) (/ه//ه) (//ه) = (////ه) (/ه//ه) (//ه/ه)
مفْتعلن/ فاعلن/ فَعُوْ = فعِلَتُنْ/ فاعلن/ فعولن
مطوي/ سالم/ مجزومة = مخبول/ سالم/ مكبول
ذَكَرَ صورتي العروض الحذاء المخبونة، وضربيها، الدماميني في العيون الغامزة.

...............
* ضمن سلسلة من التسميات، جعلتها للظواهر التي لم تسمَّ في كتب العروض، حسب معرفتي المتواضعة.

البحر الوافر
العصر
العَصْرُ: هو اجتماع العَصْبِ والقَصْرِ، وتتحول (مفاعلتن) إلى (مفاعيلْ)، وهو من تسميَّات الدكتور محمود علي السَّمَّان، في كتابه (العروض الجديد). وهذه الصورة تظهر غالباً في شعر التفعيلة.
ولم أجد شاهدا_حسب معرفتي المتواضعة_ على صورة الضرب المعصور من الشعر العمودي، سوى أبيات أنشدتها عليه:
قال عبده فايز الزبيدي *:
بلادي اليوم في عيْدْ = وإطْراءٍ وتمْجيْدُ
وباني الدولةِ العُظْمى= شُجاعٌ وابنُ صِنْديْدْ
بناها مُلْهَمٌ شهْمٌ= بتشريعٍ وتوحيدْ
لهُ حسَبٌ له نسبٌ = وفِكْرٌ فِيْهِ تَجْديْدْ
لهُ حسَبُنْ/ له نسبُنْ = وفِكْرُنْ فِيْـ/ـهِ تَجْديْدْ
(//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) = (//ه/ه/ه) (//ه/ه ه)
مفاعلَتُن مفاعلَتن = مفاعيلنْ/ مفاعيلْ
سالم/ سالمة = معصوب/ معصور
والعروض معصورة في مطلع القصيدة؛ للتصريعِ فقط.
وإن وجدنا أعاريض معصورة في قصيدة، فإن جاء بعضها معصورا وبعضها غير ذلك، فهو من الإقعاد، وإن جاءت كل أعاريض القصيدة معصورة، فهذا من باب العروض الضربية، سميتها بهذا لأنها تأخذ حكم الضرب فيما لا يعرف في العروض، وبعضهم يسميها العروض المَقلوبة، ولكن تسميتي لها بالعروض الضربية، فيها إشارة للمعنى الذي تحمله تلك العروض من معاني.

...................................
* كتبت اسمي لأن من عادة الناس القص واللصق والنشر دون الإشارة للمصدر. وهي مضمنة في كتابي: (التجديد في العروض والقافية).
ولم أجد شاهدا_حسب معرفتي المتواضعة_ على صورة الضرب المعصور من الشعر العمودي، سوى تلم الأبيات

البحر الوافر
البَتْك
البَتْكُ: سقوط الفاصلة الصغرى من آخر التفعيلة، و به تتحول (مفاعلتن) إلى (مفا = فَعُو) أي يبقى منها الوتد المجموع الذي في أولها، ويقال للعروض مَبْتُوْكَةٌ، وللضرب مَبْتُوْكٌ.

(5). عروض تامة مقطوفة(فعولن)، وضربها تامٌّ مَبتوك (فعو):
قال عبده فايز الزبيدي:
لِمَنْ خَلَقَ الوُجُوْدَ بِقَوِلِ كُنْ = وَ يَعْلَمُ سِرَّنَا عِلْمَ العَلَنْ
لِمَنْ أَجْرِى الغُيُوْمَ عَلَى نَسِيْمٍ =وَأَجْرِى فِي المُحِيْطَاتِ السُّفُنْ
لِمَنْ خَلَقَ القِفَارَ كَجِلْدِ شَيْخٍ=وَصَاغَ الرَّوْضَ كَالشَّابِ الحَسَنْ
لِمَنْ فَطَرَ الطُّيُوْرَ عَلى غَنَاءٍ=لِمَنْ بِالعِطْرِ أَزْهَارًا شَحَنْ
لِمَنْ جَعَلَ البَرَاءَةَ فِي صَغِيْرٍ=وَأَعْطَى الحِلْمَ لِلشَّيْخِ الـمُـسِنْ
لِمَنْ أَوْحَى لأحْمَدَ خَيْرَ دِيْنٍ=نُصَلِّي فَالصَّلاةُ لَنَا وَطَنْ
لِمَنْ أَوْحَى/ لأحْمَدَ خَيْـ/ـرَ دِيْنٍ=نُصَلْلي فَصْـ/ صلاةُ لَنَا/ وَطَنْ
(//ه/ه/ه) (//ه///ه) (//ه/ه) = (//ه/ه/ه) (//ه///ه) (//ه)
مُفاعيلن / مُفاعلتن/ فَعُوْلُنْ = مُفاعيلن/ مُفاعلتن / فَعُوْ
معصوب/ سالم/ مقطوف = معصوب/ سالم/ مبتوك

قال عماد الدين الأصفهاني:
أحَاطَ بِورْدِ وجنتِهِ الجَنِيْ = بنفسَجُ خَطّ عارضِهِ الطّري
وجَالَ وشاحُهُ في الخصْرِ منهُ = مَجالَ الوهْمِ في السِّرِّ الخَفِي
وجَالَ وشا/ حُهُو فِلْخَصْـ/ ـرِ منهُو = مَجالَلْوَهْـ/ ـمِ فسْسرْرِلْـ/ خَفِي
(//ه///ه) (//ه/ه/ه) (//ه/ه) = (//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) (//ه)
مُفاعَلَتن/ مُفاعيلن/ فَعُوْلُنْ = مُفاعيلن/ مُفاعيلن / فَعُوْ
سالم/ سالم/ مقطوف = سالم/ سالم/ مبتوك

(6). عروض تامة مبتوكة (فعو)، وضربها مثلها مبتوك (فعو):
قالت الدكتورة مريم البغدادي، تشتكي من خادمتها:
لقد نامتْ وأهدتْني الأرَقْ = وأصْلَتْ لي فؤادي فاحترَقْ
بُليتُ بها فساءَتْ حالتي = وسَدَّتْ منذُ جاءتْني الطّرُقْ
وصـار النحْسُ حظّاً دائماً = ببيتي، فوق صدري قد طَبَقْ
وأنّ السعْدَ منْ بيتي اختفى = وفَرْحي منْ فؤادي قد سُرِقْ
وأنْنَسْسَعْـ/ ـدَ منْ بَيْتِخْـ/ ـتفى = وفَرْحي منْ/ فؤاديَ قَدْ/ سُرِقْ
(//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) (//ه) = (//ه/ه/ه) (//ه///ه) (//ه)
مفاعيلن/ مفاعيلن/ فعو = مفاعيلن/ مفاعلتن/ فعو
معصوب/ معصوب/ مبتوكة= معصوب/ سالم/ مبتوك

ولا يقال إنَّ البَتْكَ هو اجتماعُ القطفِ والحذفِ؛ لأننا نُخَرِّج _نَحْمل_ في الترجيح على الأقلِّ عملاً، فالقول بسقوطِ الفاصلة، أخفّ وأقلّ عملا من القول بالقطف وهو العصب مع الحذف، ثم نجمع مع القطف حذفاً آخر في الفاصلة.

الوافر
القطم
القطم: هو اجتماع القطف والقصر، فتصبح (مفاعلَتن) بالقطف (فعولن)، ثم تصير (فعولْ) بعد قصرها. ويقال للعروض مَقْطُوْمَة، وللضرب مَقْطُومٌ.
(4). عروض تامة مقطوفة، والضرب تامٌّ مَقْطوم (مقطوف مقصور):
قال عبده بن فايز الزبيدي:
أمورٌ لَمْ يَنَلْها الجُهْدُ مِنِّي = وجَاءَ بِها الدُّعاءُ بُعَيْدَ حِيْنْ
فَلَا تَعْجَزْ وثِقْ باللهِ دَوْمَاً = وخَلِّ النَّفْسَ مِنْكَ على يَقِيْنْ
فَلَا تَعْجَزْ/ وثِقْ بِلْلَا/ هِ دَوْمَنْ = وخلْلِنْنَفْـ/ ـسَ مِنْكَ على/ يَقِيْنْ
(//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) (//ه/ه) = (//ه/ه/ه) (//ه///ه) (//ه ه)
مفاعيلن/ مفاعيلن / فعولن = مفاعيلن/ مفاعلتن/ فعولْ
معصوب/ معصوب/ مقطوفة = معصوب/ سالم/ مقطوم

وقال العَلاءُ بن المنهال الغنوي:
فلَيْتَ أبا شَرِيكٍ كانَ حَيّاً = فيُقْصِرَ حينَ يُبصِرُهُ شَرِيْكْ
وَيَتْرُكَ مِنْ تَذَرُّبِهِ عَلَيْنَا = إذا قُلْنَا لَهُ هذَا أبُوْكْ
وَيَتْرُكَ مِنْ/ تَذَرْرُبِهِي/ عَلَيْنَا = إذا قُلْنَا/ لَهُو هاذَا/ أبُوْكْ
(//ه///ه) (//ه///ه) (//ه/ه) = (//ه/ه/ه) (//ه/ه/ه) (//ه ه)
مُفاعَلَتن/ مُفاعَلَتن/ فعولن = مُفاعَيلن/ مُفاعَيلن / فَعُوْلْ
سالم/ سالم/ مقطوف = معصوب/ معصوب/ مقطوم

مثل ما قال سُحيم بن وَثيلٍ الرِّياحي:
عَذَرْتُ البُزْلَ إذْ هِيَ خَاطَرَتْنِي = فَمَا بَالِي وَبَالُ ابْنَيْ لَبُونْ
وَمَاذَا يَدَّرِي الشُّعَرَاءُ مِنِّي = وَقَدْ جَاوَزْتُ رَأْسَ الأَرْبَعِينْ
على رأي من يرى تسكين الروي، إذا قال قدامة بن جعفر في نقد الشعر: (فنُوْن (الأربعين) مفتوحة، ونُونُ (اللبون) مكسورة، ولكنه كأنَّه وقف القوافي فلم يحركها). [ص: 182].
فعلى التحريك فيها إقواء، وضربها وعروضها مقطوفان، وعلى رواية تسكين الروي فعروضها مقطوفة وضربها مقطوم، أي مقطوف مقصور.
ومثل هذه الأضرب تكون مردفة_مردوفة_ لاجتماع الساكنين بضربها، وقد تأتي القافية غير مردوفة، والكلام على الغالب الأعمّ في مثل هذه الأضرب.