كتب السنوار روايته في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وحرص أن يستخدم لقب "الأسير" في تقديم نفسه، وهذا التعريف، وحده، يعد مدخلًا مهمًا لفهم رموز القصة، وما يعنيه من ورائها.
اللقب الذي يعرف به نفسه على الغِلاف هو جزء من قصة المعاناة التي ترويها صفحات "الشوك والقرنفل"، وهي معاناة يعرفها الكاتب ويعيشها ويصورها، ويعرفها زملاؤه الأسرى الذين اعتبروا الرواية مشروعًا يعبّر عنهم، فساهموا في نسخ الصفحات وتهريبها خارج السجن، ليكونوا بذلك قد شاركوا في تجرِبة مقاومة مبدعة، لتوصيل صوت أريد له أن يكون مكتومًا.
يمكننا أن نتلمّس في هذه الرواية – بعيدًا عن النقد الأدبي- ملامح القيادة لدى شاب يحمل قضية، يعيشها كأنه يراها حتى وهو في غياهب السجون، فهل يكون غريبًا أن يقود كاتب هذه الرواية كفاحَ شعب فلسطين للحريّة والتحرير؟
أن الكاتب يمتلك خيالًا جغرافيًا، فهو يحرّك أبطاله على أرض وطنه، الذي يعرف خصائص كل شبر فيه، وما يميّز كل قرية أو مدينة، الوطنُ- الذي يناضل من أجله- مترابطٌ في خياله، لم يتمكن الاحتلال من تغيير معالمه التاريخية، فخيال الكاتب القائد يحتفظ بالخارطة الحقيقيّة للوطن التي تطوّرت عبر التاريخ.
هو أيضًا يملك خيالًا اجتماعيًا، وذاكرة تحفظ عادات شعبه وتقاليده، ومزاجه ومفاتيحه، ومكامن قوته وضعفه، وما يمكن أن يقوم به هذا الشعب إذا أُحسن توجيهه.
والكاتبُ يستخدم روايتَه، من خلال بطلَيها أحمد (الراوي)، وإبراهيم (القائد الحمساوي المناضل)، ليشرح رؤيته الشخصية للواقع ولطبيعة المعركة وللحلول.. هو يخوض عبرهما حالة من النقاش السياسي والفكري مع التيارات الأخرى في المجتمع الفلسطيني، يسعى أن يشرح لهم فكرة ويوضحها، ويسوق الحجج لدعمها.
وهنا نلاحظ حضور السنوار صاحب الرؤية والقضية غالبًا على حضور الروائي.. الرواية بالنسبة له هي حكاية الوطن، وما يقوله فيها محاولةٌ لشرح رؤيته لأبناء الوطن: (الفلسطيني أولًا، ثم العربي والإسلامي ثانيًا)؛ لجمعهم وراءها.
أن الرواية في الحقيقة هي رسالة للأمة (كل الأمة) لتفهم القضيةُ، كما يريد السنوار أن يشرحها.. فهو – وهو الدارس للغة العربية في الجامعة الإسلامية- اختار أن يستخدم الفصحى وحدها في السرد والحوار.
مقال اادكتور: سليمان صالح (بتصرف).