أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: قَـــابَـــلْـــتُـــنـــ ي

  1. #1

    افتراضي قَـــابَـــلْـــتُـــنـــ ي

    [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]ذاتَ نهارٍ حالكٍ عرضَ لي – بعدَ تناولِ جوعي – أنْ أتنزهَ في مزبلةٍ عربيةٍ قريبةٍ منْ داري، ارتديتُ عريِيَ وخرجتُ أتحسسُ طريقي في عتمةِ الشمسْ، تتلعثمُ قدماي تارةً، وتارةً أنكفئُ، وثالثةً أصطدمُ بشيءٍ ما.


    شرعتُ أتحسسُ هذا الشيءَ فإذا هو إنسانْ، نعمْ، صدرٌ ويدانِ ورأسٌ يشهدونَ أنّهُ إنسانْ – دعكَ منْ أنّها قدْ تكونُ شهادةَ زورٍ لكنْ على كلٍّ سأتصرفُ بحسنِ نيةٍ إلى أنْ يثبتَ العكسْ.

    وأخذتُ أتفقدُ ملامحَ وجههِ بأصابعي فإذا هو ...، ياللهولِ إنّهُ ...، إنّهُ ...، إنّهُ أنا، نعمْ ...، هوَ أنا.
    سلمتُ عليَّ والتزمتني وقلتُ لي "ما الذي أتى بي إلى هنا؟"، فأجبتُ صمتاً، فأردفتُ على الفورِ "لا يَهُمْ ...، لا يَهُمْ ...، المهمُ أنّني سعيدٌ لأنني التقيتُني".


    فقلتُ لي بصوتٍ أجشَّ:


    "بينَ الشَّكِ وبينَ اليقينِ خيطٌ، لو أنّهمُ اغتالوني واقفا عليه كنتُ أغفرُ لهمْ ... لكنّهمْ ... اغتالوني في عرضِ اليقينْ"


    "لا تناقشْ، لا تجادلْ، أنتِ يا مجهولُ جاهلْ، فاصدعْ بما تؤمرْ منْ لدنْ وحلِ المزابلْ"


    "حينَ لا تملكُ إلا الصمتْ ... اصرخْ ... ذلكَ أزكى لكْ"


    "إنَّ السلطانَ اشترى منَ الناسِ أنفسهمْ وأموالهمْ وأعراضهمْ بأنَّ لهمْ جنّاتِ عدنٍ لنْ يدخلوها، أُعِدَّ لهمْ فيها خبزٌ دونَ زادْ، ومنامٌ منْ سهادْ، وبكاءٌ دونَ حدْ"


    "حينما تبيعُ أمّكَ الثّكلى، وزوجتٌكَ المترملةُ، وأبناؤكَ الأيتامُ جثتكَ بكسرةِ خبزٍ عفنةٍ، وشربةِ ماءٍ آسنٍ فلا تجزعْ، وتعلمْ ... أنْ لا تتركَ خلفكَ جثةً في المرةِ القادمةْ"


    "دماؤكَ التي سقيتَ بها الثّرى وكنتِ تَحْسِبُ أنّها سَتُنْبِتُ أشجارَ كبرياءْ ... أنبتتْ فقاعاتِ هواءْ، لأنّهُ لدى الرملِ أوامرٌ أنْ ينبتَ كلًَّ شيءٍ عدا الإباءْ ... والكبرياءْ"


    "بلادُ العربِ أحجيةٌ ولغزْ، إنْ أنتَ ذهبتَ تَحُلّهُ ندمتْ، وإنْ أنتَ نمتَ عنهُ أثمتْ"


    "سجّلْ على دبرِ العروبةِ بالقلمْ ... أنَّ الصممْ خيرُ النّعمْ"


    "إنْ قدّرَ لكَ ذاتَ يومٍ أنْ تصبحَ غصناً ثمَّ بدا لكَ أنْ تنبتَ أزهاراً وثماراً فاشحذْ أشواككَ لحمائمِ السلامْ ... لأنّها ألغامْ ... على شكلِ حمامْ"


    ثمَّ تبخرتُ كأنْ لمْ أكنْ معي ... أينَ ذهبتُ يا تُرى؟، هلِ اختطفوني؟، هلِ اعتقلوني؟، هلْ صدّروني إلى بلادِ ما وراءَ الشمسْ؟، هلْ كنتُ معي بالفعلْ؟، هلْ أنا أنا؟.

    على أيّةِ حالٍ لا يهمُ فالعلاقةُ بيني وبيني ليستْ قويةً إلى درجةِ أنْ أشغلَ بالي بي ... ومضيتُ أتحسسُ طريقي في عتمةِ الشمسْ.[/grade]

  2. #2

    افتراضي

    دكتور الشناوي..
    بين التناقض الحاصل في رؤية الانسان لذاته/ وواقعه/ ورؤيته للاخر وواقع الاخر امور تحدث فتظهر على السطح/ واخرى تحدث فتطمر/ واخرى تهمش فتموت/ وهنا حيث الانا انا/ وانت انت/ نعيش حالة فريدة من حيث الوصف العياني/ لكنها ليست بحالة اولى / لانها بلاشك وليدة اخريات سبقتها زمينا مكانيا/ فالوصفة الطبية التي قد نحتاج اليها لمعالجة الامر هنا/ وهي ذاتها التي اودت بحياة من سبوقنا/ التيه هذا امر حاصل/ لانه يستقي من التيه العالم كواقع عياني ملموس/ لذا العلاج ليس فينا ومنا وبنا/ لانه اشمل واعم منا وبنا وفينا.
    السردية اعجبتني من حيث الفكرة والصياغة والبناء واللغة المتمكنة .....

    دمت بخير
    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل: Sep 2007
    العمر: 42
    عدد المشاركات: 4
    :عدد المواضيع 0
    :عدد الردود
    المعدل اليومي 0.00
    من مواضيعي

    • لا توجد مواضيع للعرض

    افتراضي

    ومضيتُ أتحسسُ طريقي في عتمةِ الشمسْ.
    سلمت اناملك أخي د. محمد

    بارك الله فيك وربي لا يحرمنا من مواضيعك ...دمت بخير عزيزي

    تقبل مروري .....

  4. #4

    افتراضي

    الأديب / د. محمد الشناوي ..

    قصة عميقة المغزى والمعنى ، هي معاناة الإنسان الذي بات لا يدري إن كان هو إنسان أم غيره ،
    وإن كان غيره فهو لا يدري ما كنه ما هو عليه وسط هذه المتناقضات .

    نص زاخر بالفكر والنقد السياسي الساخر ، رائع الأسلوب واللغة والسرد .

    لا تحرمنا من هذا الفيض ..
    تقبل تحيتي وتقديري .
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  5. #5

    افتراضي

    احب جداً
    مثل هذه الحوارات الذاتية...
    فهى الفرصة الوحيدة
    لأن يبوح الأنسان
    لنفسه
    ببعض أسراره
    أخى محمد الشناوى
    نص بديع ...راق لى.