قصيدة للشاعر السوري وليد الحجّار

تحية حب لمؤتمر بلديات المدن العربية الذي عقد في مدينة ( حماة ) السورية بتاريخ 12 \ 9 \ 2005
في قصر العظم ( متحف التراث الشعبي ) وكانت القصيدة إفتتاحاً للمؤتمر بالتاريخ المذكور مساءً .
بينَ المروجِ و صُحبةِ الغُدرانِ وبلابلٍ تشدو على الأغصانِ
وسماعِ أغنيةٍ يبوحُ بها الهوى من وجْدِ عاشقةٍ لقلبِ معانِ
كم رَحَّبَ العاصي وزادَ تألقاً حينَ الْتقى بالآلِ و الخِلانِ
مَن ذا يُصدقُ في ( حماةَ ) كما أرى جُمِعتْ كنوزُ الدُّرِّ و المَرجانِ
عقدٌ تلألأ و الجمالُ يَصوغُهُ من لؤلؤٍ و زُمرُّدٍ و جُمانِ
لا يبرحونَ صدارةً و مكانةً همْ بالفؤادِ كدفقةِ الشِّريانِ
جَمْعُ الأحبةِ فرحةٌ لا تنتهي ما حيلتي , و قدِ اخْتصَرتُ بياني
أهلاً وسهلاً في رِحابِ أبي الفدا ءِ وعلمِهِ وروائعِ العُمرانِ
أهلاً و سهلاً قد حَللتمْ بيننا قلباً و روحاً دونما اسْتئذانِ
العيدُ جَمَّعنا و نحنُ أحبةٌ يا مرحبا بالأهلِ و الجيرانِ
أهرامُ (مصرَ) أتتْ حدائقَ (بابلٍ) و(بَعَلبَكُ) انْتقلتْ إلى (وهرانِ)
آياتُ ( تَدمرَ ) وحْيُها من ( يَثرِبٍ ) و ( القيروانُ ) حفيدةُ ( اللبنانِ )
و ( النيلُ ) شادَ مع ( الفراتِ ) حضارة ً فامْتدَّ ( عاصينا ) إلى ( أسوانِ )
إنْ تسألِ التّاريخَ عن أمجادِنا مِن عمقِ باديةٍ إلى الشُّطآنِ
تَروي ملاحمُنا حكايةَ أمَّةٍ شِيْدَتْ ركائزُها على الإيمانِ
من كلِّ حاضرةٍ أتتْكَ قبيلة ٌ عربيةٌ مِن سائرِ البلدانِ
شاميةٌ – لا فرقَ – أو يمنيةٌ مِن صُلبِ غسَّانٍ أو العدنانِ
مهما تعددتِ الفروعُ بأسْرة ٍ و تباعدتْ , هم أخوةُ الأوطانِ
لغةٌ تُجمّعنا و أرضٌ لمْ تزلْ نبعَ العطاءِ و حلبةَ الشُّجعانِ
قد أفصحتْ عنها أرومَةُ يعرب ٍ ومبادئٌ تسمو بلا إعلانِ
أنّى الْتفتُّ أرى المشاعرَ نفسها بينَ المحيطِ الأطلسي و عُمانِ
مهد الحضارةِ حينَ تُذكرُ أمَّةٌ أو في الهدايةِ أولُ الأديان ِ
أرضُ النُّبوةِ و المسيحُ شهيدُها ومحمدٌ كم زادنا مِن شانِ
خَتَمَ الرِّسالةَ عندَ كعبةِ مكةٍ فإذا بها تَمتدُّ كالطّوفانِ
اللهُ كرَّمها بِصدقِ رَسولِها و المجدُ شَيَّدها بِلا بُنيانِ
رمزاً لوحدةِ أمَّةٍ و أصالةٍ وُجِدتْ هُنا و الغربُ كان يُعاني
مِن ذُلِّ تَفرقةٍ و جَهلِ مَعارفٍ وتَسلطٍ بالحربِ و العدوانِ
أيامَ ( روما ) ما تزالُ صبيةً وجيوشها اكْتظتْ مِن الفُرسانِ
كانتْ تُحاربُ في سبيلِ مَطامِعٍ و تُعامل الإنسانَ كالحيوانِ
و حروبُنا من أجلِ كلِّ فضيلةٍ أو رَدِّ مَظلمةٍ عَنِ الإنسانِ
عِشنا دعاةَ مَحبةٍ و عدالةٍ في ظِلِّ إسلامٍ بِلا طُغيانِ
نمضي إلى غاياتِنا بطريقةٍ الحَقُّ فيها صاحبُ الميزانِ
نحنُ الأسودُ إذا السّيوفُ تَجَرَّدَتْ لا نَستكينُ لذلةٍ و هَوانِ
والعارُ نَغسلهُ بطهرِ دمائنا كي تُستعادَ كرامَةُ الأوطانِ
مَن ذاقَ طعمَ الموتِ تحتَ حرابِنا أو فيهِ شاهَدَ غُصَّةَ الظّمآنِ
يُدركْ إرادةَ أمَّةٍ قد أقسَمَتْ الاّ تلينَ لفاسِقٍ شَهواني
( بوشٌ ) و تابِعُهُ و كلُّ مؤيدٍ لسياسةٍ آلتْ إلى خُسرانِ
(بغدادُ) يا أمَّ الفداءِ تَمَسَّكي أقواسُ ( بابلَ ) لم تزلْ عُنواني
من ماءِ ( دجلةَ ) يومَ عاثَ بها الفَسا دُ ومازَجَتْ بِجروحِها ألواني
حاولتُ أنْ أنسى احْتراقَ مَشاعِري لكنّها فُطِرَتْ على العِصيانِ
يا أرضَ ( بابلَ ) قُطِّعتْ سُبُلُ الهوى وبكى على فقدِ الدّيارِ حِصاني
لا بدَّ مِن فجرٍ سيأتي مُشرِقاُ يُحيي التُّراثَ و سالفَ الأزمانِ
هل أرتجي إلاكِ بعدَ فجيعةٍ كي أستريحَ و تنتهي أحزاني
نحنُ اجْتمعنا في ( حماةَ ) لغايةٍ لكنْ – جِراحُكِ هَيَّجتْ أشجاني
فغداً سَتورِقُ في الحُقولِ مَواسِمي و غداً سأحصُدُ مِن ثِمارِ جِناني
(بغدادُ) يا بَلَحَ العروبةِ في فمي وحلاوةَ التُّفاحِ و الرُّمانِ
إنّي أقدمُ للسَّلامِ رسالةً بيضاءَ تَحمِلُ فِكرتي ولِساني
فيها قصائدُ لم تزلْ في جُعبَتي فواحةً بالعِطرِ و الرَّيحانِ
الياسمينُ بها اسْتفاقَ بِقبلةٍ و الشَّوقُ ضَمَّ شَقائقَ النُّعمانِ
هي باقةٌ فيها أريجُ محبةٍ كم آلَفَتْ قمماً مع الوِديانِ
أهلاً وسهلاً تلكَ خَتمُ قصيدةٍ بِقدومِكمْ هَلَّ الرَّبيعُ الثّاني