| 
 | 
في لُجَّةِ الأحزانِ قلبيَ زورقُ  | 
 من أين يبحرُ واللواعجُ تُحدقُ | 
متأرجحٌ يطفو على آلامه  | 
 وبكلِّ عاصفةٍ جموحٍ يُرشقُ | 
مازال معتليًا صواريَ عزمهِ  | 
 نبضٌ ينالُ الهمُّ منه فيََخْفِقُ | 
أعيا العواصفَ أن تشق شراعَهُ  | 
 فإذا به من زفرةٍ يتمزقُ | 
مخرَ الحياة فما انحنى مجدافُهُ  | 
 إلا لموجة عبرةٍ تترقرقُ | 
ناديتُ مَرْسَاتي فجاوبني الصَّدى  | 
 "ومتى من الطوفانِ أفلت زورقُ" | 
يامقلةً فيها الأسى متلاطمٌ  | 
 يجتاحُ محْجِرَها حميمٌ مُحرقُ | 
إن تغرقيهِ فسوف يُمطرُ أحرفًا  | 
 تبكي عليك مع السحاب وتشهقُ | 
أوتدفعيهِ عنِ الجوى بترفُّقٍ  | 
 فاللهُ خيرُعبادهِ المترفقُ | 
لاتذرفي دمعًا جديدًا إنني  | 
 أخشى على خديكِ منهُ وأشفقُ | 
ولْتُطبِقي تلك الجفونَ تغاضيًا  | 
 علَّ الضُّلوعَ على التلهُّبِ تُطبقُ | 
يامُقلةً نظمتْ عيونَ رثائنا  | 
 فيها من الإيحاءِ معنًى أعمقُ | 
كم ماجَ في جفنيكِ بحرُ قصيدةٍ  | 
 إيقاعُها في آهةٍ مُتموسقُ | 
الكحلُ عاطفةٌ تذوب مضاضةً  | 
 والدمعُ رمزٌ في أساها مغرقُ | 
كتبتْ بنظرتها بيانًا جاحظًا  | 
 نطقتْ بلاغتُها بما لم ينطقوا | 
أهدابُها أسوارُ كلِّ مدينةٍ  | 
 تأبى  على الأعداءِ أن يتسلقُوا | 
ولِحاظُها مرآةُ عزمٍ أقسمتْ  | 
 أن تفضحَ الأقزامَ كيفَ تعملقوا | 
حُرِّرْتِ ياأمَّ البواسلِ واحتفى  | 
 بقيودهِ سجنُ العدوِّ الضَّيَّقُ | 
من قالَ إنكِ كنتِ فيه أسيرةً  | 
 هُوَ في نضالكِ مستكينٌ مُوثَقُ | 
كانت قيودُهمُ أساورَ عِزَّةٍ  | 
 في معصميكِ وحليةً تتألّقُ | 
لم تُحجمي حينَ الرجولة أحجمتْ  | 
 حلَّقتِ والغربانُ خلفكِ تنعقُ | 
رقَّصتِ أفئدة الأعاديَ رهبةً  | 
 لمَّا تمايلَتِ الرؤوسُ الفُسَّقُ | 
وأقمتِ قي ضيقِ الخنادِقِ جسرةً  | 
 ولكم تضايقَ بالفوارِسِ فُندُقُ | 
وعليك من شرفِ الحجاب مهابةٌ  | 
 وكذا خِباءُ الأعظمين مُسردقُ | 
منْ علَّمَ الكفَّينِ أنَّ نجيعهم  | 
 من نقشةِ الحنّاءِ إرْثٌ أعرقُ | 
فخضبتِها يومَ الفداءِ أناقةً  | 
 وكذاكَ كُلُّ صبيَّةٍ تتأنَّقُ | 
أسكنتِ قلب المستبدِّ وساوسًا  | 
 نخرتْهُ فهْوَ من الهلوعِ مخرَّقُ | 
خلفَ الجدار يفرُّ إن صدحت عصا  | 
 فيرُ الحقولِ كما يفرُّ الأخرقُ | 
قد أرعبتْهُ ضفيرتاكِ فخالها  | 
 غضبًا بليل الثائرين يُنسَّقُ | 
ورأى الأمومةَ في يديك معسكرًا  | 
 يرتادهُا معَ كلِّ طفلٍ فيلقُ | 
ماقيمةُ الأشياء في مايُنفقُ  | 
 فلكم على سَقَطٍ زهيدٍ يُغدقُ | 
ولربما افتُديَ الترابُ كرامةً  | 
 ولربما ابتاع الترابَ الأحمقُ | 
لكنَّ أعجبَ ما جرى أعراضُنا  | 
 بدقيقةٍ من عمر علجٍ تُعتقُ | 
شاليطُ هل أيَّامُهُ مسبوكةُ  | 
 ذهبًا وهل دمُهُ المباحُ معتَّقُ | 
من ْ كان يغتالُ البراعمَ سحرةً  | 
 يعدُو على حلُمِ الصِّغارِ ويسرقُ | 
ويُحاربُ الزَّيتونَ في أوطانهِ  | 
 ويدوسُ أعناقَ الورودِ ويخنُقُ | 
وزنوا دقيقتهُ فكان قوامُها  | 
 من ذابَ في خُصُلاتهنَّ الفُستقُ | 
عشرون قرشًا في الريال وهكذا  | 
 عشرين عرضاً في الدقيقةِ أطلقوا!! | 
في مصرفِ التاريخِ يهبطُ سعرُنا  | 
 للقاع صرنا عملةً لاتُنفقُ | 
كسدت بطولتنا كأنا متجرٌ  | 
 للتضحياتِ بشمع ذلٍّ مغلقُ | 
ياأيها الدلَّالُ نادِ كما تشا  | 
 وجهُ العروبةِ في الرزايا مطرقُ | 
فصدت نكاياتُ العِدى أوداجَهُ  | 
 فدمُ الحميةِ فيه لايتدفقُ | 
أتظنهُ يرنو إليك حماسةً  | 
 بل من ذهولٍ في الفراغِ مُحملقُ | 
ها نحنُ في زمنِ التقدم أمةٌ  | 
 في صَدْعِ كلِّ تخلفٍ تتخندقُ | 
وخريطةٌ مثل الزُّجاجِ تصدَّعتْ  | 
 تحتَ النوازل كلَّ يومٍ تُسحقُ | 
جاسَ الأعادي في حماها  حقبةً  | 
 كم أشأموا مُتجبرينَ وأعرقوا | 
لما انتهى من سلبها مُستعمرٌ  | 
 أمسى يُضلِّلُ أهلها مُسْتَشْرِقُ | 
هِممٌ مفرَّقةٌ وأيُّ مهابةٍ  | 
 يأتي بها للعاجزينَ تفرُّقُ | 
نثرتْ كنانتَها الخُطوبُ فإذْ بها  | 
 سهمانِ يختصمانِ ..من هو أنْزَقُ | 
سهمٌ يعود على الرماةِ وآخرٌ  | 
 عنتًا يكادُ من الرَّميةِ يمرُقُ | 
يامهرةً كانتْ بمضمار الحضا  | 
 رة في السوابق حرةً لاتُلحقُ | 
عزفت صهيلَ الواثقين قصيدةً  | 
 أمسى يردِّدُها الزَّمانُ المُفلقُ | 
وأضاء ت الدنيا بغرَّة هديها  | 
 حتى تطهَّرَ من سناها المشرقُ | 
ومضتْ كأن الأرض من بركاتِها  | 
 تحتَ السنابك بالقداسةِ تورقُ | 
نمتِ القبابُ الخُضرُ في آثارها  | 
 كالزّهرِ من أكمامهِ يتفتّقُ | 
هاأنتِ في المضمارِ ذابلةُ الخُطى  | 
 قدمٌ ملطخةٌ وصوتٌ مرهقُ | 
أكبوتِ في الشوط  الأخير ألم يعدْ  | 
 لك فارسٌ عن سرجِهِ لايزلقُ | 
كم فوق صهوتكِ الكريمة شمَّرت  | 
 بغدادُ عاصمة الرشيد وجلِّقُ | 
سوقَ الجهادِ وكمْ ربحنا فيكَ من  | 
 فتحٍ له وجهُ الغمامةِ يبرقُ | 
مازلت حِرْفة كل نفسٍ حرةٍ  | 
 باللهِ لابعباده تتعلَّقُ | 
أحياكَ فوقَ تُرابِ غزَّة فتيةٌ  | 
 فملاحمُ الأبطال فيك تُسوَّقُ | 
تَخِذوا من الأكفان أجنحةً لهم  | 
 لبلوغ جنات الخلود فحلَّقوا | 
غُرُّ الوجوهِ يلوحُ في قَسَمَاتِها  | 
 نصرٌ برغمِ المُرجفينَ مُحقَّقُ | 
عشقوا التراب فأمطروه دماءهم  | 
 فكأنما الأجداثُ وردٌ يعبقُ | 
من كلِّ ليثٍ في النزالِ زئيرُهُ  | 
 تكبيرةٌ منها الفضا يشَّققُ | 
من كل سوسنةٍ رأت في عيدها  | 
 شمسًا مُحجَّبةً ونارًا تُشرقُ | 
جعلت من البارودِ عطرَ حياتها  | 
 ومضت عروسًا بالرَّدى تتمنطَقُ | 
فتشهَّد الزيتون في أغصانه  | 
 لمَّا تناثرَ من حشاها الزَّنبقُ | 
بهمُ يكون الفخرُ لا بسواهمُ  | 
 إنْ جاء يفخرُ بالجدود فرزدقُ | 
ياروضةً للكبرياءِ عبيرُها  | 
 يُذكي الحماسةَ حينما يُستنشقُ | 
لاتنكري عفنَ الخيانةِ إنَّهُ  | 
 خبثٌ يُخبِّئُهُ هُناكَ الغردقُ | 
مهما تلوثت الرُّبى بدُخانِهِ  | 
 ستظلُّ تنجبُ في حماكِ الأعذُقُ | 
ياغزة الشهداءِ يامهدَ الفِدى  | 
 إنَّ الحديثَ عن الإباءِ ِمُشوِِّقُ | 
فتحدثي عن كل شبرٍ غاضبٍ  | 
 وحديث شاهدةِ العِيانِ مُصدَّقُ |