(يَاسَائِلِي عَنْ حِمْصٍ وَحُولَتِها..)


يَاشَامُ ماذا أقولُ مُعْتذِرا أسْمعُ ياشامُ ماجرى وَ أَرَى
لو كُنتُ أعمى...أوْ كانَ بيْ صَممٌ هَلْ كانَ صَمْتي ياشامُ مُغْتَفَرا..!
إذا تعاميتُ عَنْكِ لمْ تَغِبي فَمِنْ ضميري مَن يمْسَحُ الصُّورا
وإنْ تَصَامَمْتُ باتَ يهْتِف في روحي صَدى صوْتِكِ الذي هَدَرا
كمْ حَاوَلُوا قَطْعَهُ فَمَا قَدِرُوا وَحَاوَلُوا خَنْقَهُ فَمَا قُهِرا
يزلزُل الأرضَ تحتَ أرجُلِهِمْ ويُنْزِلُ الخَوْفَ فوْقَهمْ مَطَرا
ياليتَ شِعْري ألمْ يزلْ بَرَدَى تَجْرِي صَبَاهُ فتُلْهِمُ الشُّعَرا
أم جفَّ نَهْرُ الْهَوَى وَ أرْفَدَهُ دمُ البهاليلِ الصِّيدِ فاسْتَعَرا
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا اسْألْ سؤالاً يسْتوعِبُ الْخَبَرا
مصائبُ الشامِ فوقَ أجْوبتي قُلْ: مَا الَّذي مَاجَرَى؟..لأْختصرا
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا ليلٌ من الْغَدْرِ فَوْقَهَا اعْتَكَرا
تنفَّس الْمَوتُ منْ مَنَاخِرِهِ تَنَفُّسَ الثورِ هاجَ واحْتَفَرا
لمّا رأى الضَّبْعَ سلَّ خنْجَرَهُ حمْراءَ منْ سُمِّهَا الذي قَطَرا
توشِكُ منْ غلِّهِ ونزْوَتِهِ أنْ تتلظَّى نارًا وتنْصهِرَا
عشرَ سنينٍ يَسُنُّ شَفْرَتَها لينحرَ البائسينَ والْفُقَرا..!!
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا قدْ عَرْبَدَ الضَّبعُ ليلةً بطِرا
يحسو دمَ الأبْرياءِ في نَهَمٍ يزْدادُ مَعْ كُلِّ شَرْبَةٍ أَشَرا
كم مرَّ منْ قريةٍ وخرَّبها وشُرِّدتْ منهُ للعراءِ قُرى
لمْ يَنجُ منها زرْعٌ ولا حَجَرٌ لمْ يُبْقِ فيها أنثى ولا ذَكَرَا
قدْ كانتْ "الْهاغَنَاةُ" تَتْبَعُهُ تُطيعُهُ في جَمِيعِ مَا أَمَرا
كمْ شَنَقُوا الشَّمْسَ في ضَفَائِرِها وعَلَّقُوا مِنْ أحْشائهِ الْقَمَرا
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا كمْ منْ رَضِيعٍ وأمِّهِ نُحِرا
كم غضَّةٍ قطَّعوا أنَامِلَها أرقَّ من ورْدَةٍ شَذَتْ سَحَرَا
لمْ تنهَ جزَّارَهُم بَرَاءَتُها وَلَمْ يُسَامِحْ في عَيْنِهَا الْحَوَرا
مضى بِسَاطُورِهِ لَهُ زَجَلٌ كأنَّهُ كَانَ يقْطَعُ الْجَزَرا
كم من صَبِيٍّ يِلْهُو بُلُعْبَتِه لمَّا رآهُمْ ألْقى بِها وَجَرى
حيَّا حُماةَ الدِّيارِ مُبْتَهِجًا يَظُنُّهُمْ في الْهَيْجَا أُسُودَ شَرى
يَظُنُّهُمْ دُونَهُ قَدِ اجْتَمَعُوا وَهُمْ جِهَارًا منْ يَهْتِكُ السّتُرا
قد غادرُوا رَأْسَهُ مُدَحْرَجَةً بَيْن هواياتِه التي هَجَرا
كمْ قَتَلُوا قَبْلَهُ وَكَمْ رَكَلُوا كَمْ دَحْرَجُوا قبْلَ رأسِهِ كُوَرَا
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا جرى دمُ الأبْرِيَا بِهَا نَهَرا
ماذنبُ أطْفَالِها وقَدْ ذُبِحُوا ذَبْحَ الْقَرَابِينِ بالْمُدَى زُمَرا
ألم يكنْ وازِعٌ بأعيُنِهمْ لِكَفِّ سفَّاحِهِمْ...أمَا نَظَرَا
أما صَغَا قلْبُهُ لِصَرَّْتِهم لوكانَ صَلْد الصُّخُورِ لانْفَطَرا
ألمْ يُغادرْ بالدَّارِ مثْلَهُمُ منْ كانَ يخْشَى عَلَيْهِمُ الإبَرا
كيفَ سيرنو إلى عيونِهِمُ إذا تمطَّى للدَّارِ مُنتصرا
ماذا سيحْكي لهُمْ لواكْتَشَفُوا دَمًا بَرِيئًا عليْهِ قدْ نُثِرا
ياسَائِلي عنْ حِمْصٍ وحُولَتِهَا إن نِمْتَ عنْها فالضَّبْعُ قدْ سَهِرا
تفرَّدَ الضَّبْعُ في جَرائِمِه وجاءَ بالمُعْجِزاتِ وابْتَكَرا
وفاقَ أسْتاذَهُ ومُلْهِمَهُ حتَّى تَخَطَّى الْيَهُودَ والتَّتَرا
ياشامُ ياغادةً يمزِّقُها ضَبْعٌ بِمَنْ سمَّنتْهُ قدْ غَدَرا
طَالَتْ أَظَافِيرُهُ فأنْشَبَهَا بعينِ مَنْ كَحَّلتْ لَهُ بَصَرَا
قد بَرِئَتْ مِنْهُ ميسلونُ فَمَا كَانَ ابنَ آسادِهَا ومَا زَأرَا
ياشامُ لاتأْمني غوائِلَهُ وأيْقَظي في عيونكِ الْحَذَرا
قدْ لحَّنَ الطَّائفيُّ نَعْرَتَهُ وجرَّ صوتًا ودغْدَغَ الْوَتَرا
قدْ أيْقَظَ الْفِتْنةَ الَّتي غَفَلَتْ عَنْهَا الشَّيَاطِينُ..كمْ لَها مَكَرَا
لوْ أضْرمَ الْوَغْدُ نارَهَا وَذَكَتْ لأحْرَقَتْ فيكِ النَّاسَ والشَّجَرَا
ياليتَ شِعْرِي مَنْ كَانَ جَمَّلَهَا لَهُ وَأَوْحَى أَنْ ذَبِّحِ الأُسَرا
أَبُوهُ أمْ مَنْ كَوَى الْعِراقَ بِهَا أَغْرَى إيَادًا بِقتْلِهِ مُضَرا
ياشامُ صبرًا واللهُ يفرِجُها والنَّصْرُ أَوْلَى بِهِ الذي صَبَرَا
كمْ نكبةٍ قدْ أَطْفَأْتِ جَذْوَتَها وَ ظَالِمٍ مِنْ تُرَابِكِ انْدَحَرا
لاتَسَلِيْ عنْ أهلِ الْمُرُوءَةِ قدْ تفرَّقُوا فِي أَهْوَائِهم شَذَرا
لاتَسَلِيْ عنْ نخلِ الكِرامِ هوى ياشامُ بينَ الرِّمالِ مُنْقَعِرا
لاتَسَلِيْ عنْ أحْرارِ عالَمِنا لمْ يترُكِ المالُ بيننا بَشَرا
أسْتغفر اللهَ لستُ أظْلمهمْ فالشَّهمُ منْهُمْ مَنْ يطْرُدُ السُّفَرا
هلْ طَرَدُوهُم إليكِ في عَجَلٍ حتَّى يُضِيفُوا جَرَائِمًا أُخَرا
ياقَوْمَنَا والأيَّام مَافَتِئَتْ تُلْقِي أَعَاجِيبها لَنَا عِبرا
أَذْنَابُ كِسْرَى قدْ أوْقِدتْ لَهُمُ نارٌ بِـ (نَجْسانَ) تَقْذِفُ الشَّرَرَا
فَأَيْنَ أَجْنَادُ خَالدٍ..أَغَفَوا؟! وأينَ أَحْفَادُ سيِّدي عُمَرا
ياليتَ شِعْرِي لِمَنْ دُوَيْهِيَةٌ يَرُوزُهَا الْقَومُ فِي أَبُو شَهَرَا