نجلا.......
البجعة العرجاء/ بحيرة البجع/ تشايكوفسكي/ لعل ما يجمع الثلاثة معا..هو النص هذا لكون الاخير لايحاصر في دائرة/ ولكون القاصة تمتلك مساحة واسعة في بوحها..فالبجعة العرجاء تحمل نسقا سرديا نابعا عن حالة ذاتية تتسم بالنظرة التشاؤمية لكل ما هو انساني حولها..فالانسان الذي هو محور النص يدخل من خلال ثقب ابرة في هذا الوجود المفعم بكل ما هو متناقض وتضاد مع ميوله وتطلعاته..وقلكا يكتشف انسان الامر هذا لكون يرضخ للانية الحياتية من حيث الاستمتاع اللحظي الاني..وهكذا يغوص يوما بعد في مآسي الوجود حتى يجد نفسه ذات يوم على شرفة النهاية..حينها تنهال الفواجع على ذاته.. فتصير صورة وجع ارضية لذات تخلق الوجع في ذاتها وتصدره الى ما خارجها../ اما ما يخص بحيرة البجع/" إن هناك بحيرة رائعة ساجية تنساب فيها سابحة بجعات مسحورات في جوّ من الدّعة والاطمئنان , إلى أن تضطرب أمواج البحيرة بسبب إعصار عاصف شديد , فتلوذ البجعات ببعضها تنشد الأمان وبكل حذر شديد , ثم نرى الأمير الشاب سيجفريد يعدّ لإجراء مراسم عيد .. يستقبل حاشيته في القصر , وضيوفاً فيهم فلاحون يمرون أمامه بخضوع علامة على ولائهم له , وتكون هناك رقصة فالس على أمواج البحيرة التي أخذت تسترد وداعتها بعد الإعصار ، ولكن ما هي إلا لحظات حتى يضربها الرعد , فتدخل الأميرة الوالدة وتلوم ابنها سيجفريد على إهماله حاله , وتذكره أنه أصبح في سن الزواج وعليه أن يختار.. وهنا تعرض ثلاث فلاحات رقصاتها أمامه , وتدعوه بقولهن هيا : تعال نسكر من عاطفتنا تجاه بعضنا بعضاً !!" لعل هذه الصورة التي نقلتها عنها توضح الامر../ اما ما يخص تشايكوفسكي/دائما يُنظر الى تشايكوفسكي كمؤلف موسيقي على أنه تشاؤمي مبالغ في التشاؤم.. وانه مريض نفسيا يدعو الى الكآبة والتخلف العاطفي في ألحانه.. والحقيقة ان أزمة تشايكوفسكي الانسان لا تنفصل عن أزمته كفنان .. فالعزلة والاضطراب النفسي والفقر هي العوامل التي شكلت وجدان هذا الفنان وجعلت ألحانه ثائرة، حزينة، مضطربة..فهو يعتصر المستمع في قبضته ويعتصره في ذروة الانفعال ثم يتركه منهكا، مسترخي الأعصاب.. ومتفلسفا مع الحياة .. خاصة فيما يتعلق بالموت والعدم!/
وفي نظرة سريعة لعناصر القص الثلاثة هذه/ البجعة العرجاء_القاصة/ بحيرة البجع/ تشايكوفسكي/ نلاحظ بان هناك جذور ثلاث مهيئة للنظر هنا..من خلال السردية هذه.. من حيث الدلالة الاولى التي تهم الانسان القاصة/الوحدة النفسية الفضيعة التي تحولت الى كابوس حياة وهاجس موت/ الثانية تستحضر الاماني الانسانية والعاطفة الجياشة التي يتعمتع بها/ والثالثة يتمتع بعمق الفكر الانساني في الذات قبل الحياة بحيث يتحول الى آلة رهيبة/ وفي الجذور الثلاث يترسخ العقدة النصية هنا من حيث المزج الزمكاني/ ومن حيث المزج الروحي الجسدي لدى الانسان/ وبهذين الخلطين نجد النص يكسر في جنباته النسق العادي والتجنيس الادبي/ فهو يجمع بين الخاطرة/البوح الذاتي العميق/ والسردية في تحول الحدث السردي/ والشاعرية في انتقاء المفردات.
النص محاولة جيدة جدا لك نجلا واجد فيه ارتقاء ملحوط في اسلوبك السردي والعناية باللغة.
دمت بخير
محبتي لك
ورمضان كريم
جوتيار