قصيدة ( عبيد العبيد ) كتبها الشاعر : ابراهيم الأسود


بأي عذر ٍ إلى التاريخ نعتذرُ

ممّا أساءت له سَوْءاتُنا الكُبَرُ

أزرى بنا حين خاطرنا بذمتنا

فاجتاحنا ضارباً ناقوسه الخطَرُ

جواً .. وبحراً .. وبراً ، في مصائرنا

تحكَّم النسرُ .. والتمساحُ .. والنمِرُ

و نازعتنا الجهاتُ الستُّ وجهتنا

الفوقُ والتحتُ ثم الأربَعُ الأ ُخَرُ

في كمب دافيد إجرامٌ أعِدَّ ، وفي

أوسلو اجتماعٌ ، وفي مدريد مؤتمرُ

و زُعزعت ثَمَّ أعلامٌ و أشرعةٌ

من السفينة ، والألواح والدسُرُ

والريح قاصفةٌ .. والشمس كاسفةٌ

والبدر منخسفٌ .. والنجم منكدرُ

وعُطلت طرق الإحساس في دمنا

الذوقُ والشمُّ والأسماعُ والبصَرُ

عشرون واثنان ، شالت من بيارقها

ثلاثةٌ ، وأطيحَ التسعةُ العَشَرُ

فلا قريشٌ ، ولا بكرٌ ، ولا جُشَمٌ

و لا تميمٌ ، ولا قيسٌ ، ولا مضرُ !

ممالكٌ ما أقيمت حولها جُدُرٌ

لكنها قد أقيمت بينها جُدُرُ

برقُ الصواعق ، رعدُ الطائراتِ ، إلى

غيم الحرائق،شاموا الغيثَ وانتظَروا

فبال بوشٌ على آنافهم كرَماً

فأعلَنوا الشكر ، ظنّاً أنهم مُطِروا

لم يبق من ديننا ، أو من عروبتنا

إلاّ الدعايةُ ، والأسماءُ ، والصُوَرُ

و جملةٌ من شعاراتٍ نرددها

يكاد من ثقلها التاريخُ ينأطرُ

ما نحن إلا صغارٌ في حقيقتنا

و بالقياس إلينا يكبرُ الصِّغَرُ

عوراتُنا كلها للعين ظاهرةٌ

أمّا الضمير لدينا فهو مستترُ

محرمٌ في لُهانا ، والرؤوسُ عَثا

فيها جُمادى ، وفي أجوافِنا صَفَرُ

واستحكم الذل واستشرى الهوانُ بنا

حتى قبلنا بما لا تقبلُ الحُمُرُ

نُهيبُ بالحظ يستبقي بقيتنا

و الحظ ليس له دخلٌ ، بل القدَرُ

لمّا اقتفينا هداةً ضل سعيُهمُ

ساروا بنا كيف شاءوا، لا كما أ ُمِروا

قال اذهبوا (حيث ألقَتْ) إنكم بشرٌ

على المجاز ، وإلا لستمُ البشَرُ !!

*** ***

من أي بقعةِ رمل ٍ عُربُنا خُلقوا

من أي طينةِ أرض ٍ سَبْخةٍ فُطِروا

الناسُ حَطّت على المريخ صاعدةً

و نحن في هُوّةٍ عمياءَ ننحدرُ

و الناسُ وحَّدها بغيٌ ، و واحدُنا

في ذاته اثنين مقسومٌ ومنشطرُ

غاباتُ ناس ٍ تهابُ العينُ كثرتَها

كأنها الشوكُ ، لا ظلٌّ و لا ثمرُ

نام الزمانُ وهم يقظى لآونةٍ

حتى إذِاستيقظت أعداؤهم شخَروا

و البعضُ قبل قيام المحنةِ انبطحوا

و البعضُ قبل اشتعال الفتنةِ انصهروا

و البعضُ قد أسلموا للغرب صانعِهِم

و بالعروبةِ و الإسلام قد كفروا

و هم بأسمى معاني القتل ماقُتلوا

لكن بأوطا معاني الأسر هم أ ُسروا

يا قدسُ لا تَرْجُ منا نجدةً أبداً

و لا يَغُرَّنْكَ أنّا معشرٌ كُثُرُ

ناموسُنا عاد كالناموس ِ ،إن عَصَفتْ

ريحٌ ، يغيبُ ، فلا عينٌ و لا أثَرُ

و يا عراقُ أغِثنا أنتَ ، مُتْ عَجِلاً

ليغتذي بك هذا الدود والحشَرُ

ثلاثمائةِ مليونٍ تضيقُ بهم

بقيةُ الوطن المنهوب لو قُبِروا

نبيع عشرين مليوناً ، يعيشُ بهم

عشرون لصاً ، ليقتاتوا ويتّجروا

لا ديننا ، لا غنانا ، لا عروبتُنا

لا جذرُنا الحر ، لا تاريخُنا العطرُ

أضفت على قُبحنا من حسنها طرَفاً

بل ليس يظهر منها عندنا أثرُ

و كلنا أمراءٌ ، لامناص لنا

من العبيد سوى تنفيذ ما أمروا

و كلنا عظماءٌ ، لا نُطيقُ لها

رَدّاً إذا نَهبَتْ أقواتَنا الهِرَرُ

و كلنا حُكماءٌ ، لا يُقاسُ بنا

إلاّ هَبنَّقَةُ القيسيُّ و النفَرُ

و كلنا علماءٌ ، من جَهالتِنا

يَهمي البلاءُ علينا مثلما المطرُ

و كلنا أدباءٌ ، من ثقافتنا

تُشوّهُ القيمُ العُليا و تندثرُ

و كلنا شُعراءٌ ، من حَماسَتنا

تَحمى الأسِرّةُ حتى تَقدح السُّرَرُ

... ... ...

الثأرُ يُلغى إذا ثارت غرائزُنا

و الوتْرُ يُمحى إذا ما دندنَ الوتَرُ

قد تخطر القدسُ في أذهان قادتنا

فلا يكونُ لها وزنٌ ، ولا خَطَرُ

و لا تُؤثِّرُ في وجدانهم أبَداً

إلاّ ( العيون التي في طرفها حَوَرُ )!

بنى لنا أوّلونا المجدَ شاهقةً

عِمادُه ، و علينا هَدمُ ما عَمَروا

هل سائل ٍ نفسَهُ بالجدِّ أو فَرَضاً

ماذا نقول لهم لو أنهم نُشِروا ؟

*** ***

يا أمّةً في ظلام الليل قابعةً

و إن في رَجَوَيْها الشمسُ والقمرُ

ضيّعتِ حزمكِ مذ ضيّعتِ طائعةً

وصيةً كان قد أوصى بها عُمَرُ

فالآن فاستنجِِدي للثأر أغربةً

تُعلي النعيق ، ولا نابٌ ولا ظُفُرُ

أو فاعلمي أنها حربٌ صليبيةٌ

صَمّاءُ عمياءُ ، لا تُبقي ولا تَذَرُ

إذِ العراقُ غدا بالحرب مبتَدَءاً

فيا لَسوأةِ ما يأتي به الخبَرُ

بيادرٌ حول نار ٍ أوقِدت عَبَثاً

من لم يطُله لهيبٌ طالَه الشّرَرُ

و لْتَرفعي بدلَ التيجان عاليةً

راياتَ عزٍّ ، هي الأقماطُ و الخُمُرُ

(وفاءُ) (آياتُ) (إيمانٌ) و زمرتُها

و (درةٌ) حسدت أمثالَهُ الدررُ

بهؤلاء يُشَقُّ الفجرُ منبلجاً

إن فجّروا هدفاً ، أو إن همُ انفجروا

لا بالذين إذا قِط ٌّ تَثاءبَ ، أو

دجاجةٌ قَوقَأتْ في حَيهم ذُعِروا

دعوا أطَيْفالنا يحمون عزتَنا

فربما قلّدونا إن همُ كَبِروا

الأمرُ أكبَرُ من طفل ٍ و من حجَر ٍ

و الطفلُ أكبَرُ من أمر ٍ له ائتَمَروا

أسلافُنا أدركوا هذا و حكمتَهُ

فكان من أجل هذا يُعبَدُ الحَجرُ

يا مسلمونا ، و يا أحرار أمتنا

تنبهوا يا أ ُلي الألباب واعتبروا

النصرُ أقرب من حبل الوريد إذا

شئتم ، و شرطه ميسورٌ ومختصَرُ

( إن تنصروا الله ينصرْكم ) إذاً فضَعوا

في البالِ (إنْ) ، و ثِقوا أنّا سننتصرُ .
بأي عذر ٍ إلى التاريخ نعتذرُ

ممّا أساءت له سَوْءاتُنا الكُبَرُ

أزرى بنا حين خاطرنا بذمتنا

فاجتاحنا ضارباً ناقوسه الخطَرُ

جواً .. وبحراً .. وبراً ، في مصائرنا

تحكَّم النسرُ .. والتمساحُ .. والنمِرُ

و نازعتنا الجهاتُ الستُّ وجهتنا

الفوقُ والتحتُ ثم الأربَعُ الأ ُخَرُ

في كمب دافيد إجرامٌ أعِدَّ ، وفي

أوسلو اجتماعٌ ، وفي مدريد مؤتمرُ

و زُعزعت ثَمَّ أعلامٌ و أشرعةٌ

من السفينة ، والألواح والدسُرُ

والريح قاصفةٌ .. والشمس كاسفةٌ

والبدر منخسفٌ .. والنجم منكدرُ

وعُطلت طرق الإحساس في دمنا

الذوقُ والشمُّ والأسماعُ والبصَرُ

عشرون واثنان ، شالت من بيارقها

ثلاثةٌ ، وأطيحَ التسعةُ العَشَرُ

فلا قريشٌ ، ولا بكرٌ ، ولا جُشَمٌ

و لا تميمٌ ، ولا قيسٌ ، ولا مضرُ !

ممالكٌ ما أقيمت حولها جُدُرٌ

لكنها قد أقيمت بينها جُدُرُ

برقُ الصواعق ، رعدُ الطائراتِ ، إلى

غيم الحرائق،شاموا الغيثَ وانتظَروا

فبال بوشٌ على آنافهم كرَماً

فأعلَنوا الشكر ، ظنّاً أنهم مُطِروا

لم يبق من ديننا ، أو من عروبتنا

إلاّ الدعايةُ ، والأسماءُ ، والصُوَرُ

و جملةٌ من شعاراتٍ نرددها

يكاد من ثقلها التاريخُ ينأطرُ

ما نحن إلا صغارٌ في حقيقتنا

و بالقياس إلينا يكبرُ الصِّغَرُ

عوراتُنا كلها للعين ظاهرةٌ

أمّا الضمير لدينا فهو مستترُ

محرمٌ في لُهانا ، والرؤوسُ عَثا

فيها جُمادى ، وفي أجوافِنا صَفَرُ

واستحكم الذل واستشرى الهوانُ بنا

حتى قبلنا بما لا تقبلُ الحُمُرُ

نُهيبُ بالحظ يستبقي بقيتنا

و الحظ ليس له دخلٌ ، بل القدَرُ

لمّا اقتفينا هداةً ضل سعيُهمُ

ساروا بنا كيف شاءوا، لا كما أ ُمِروا

قال اذهبوا (حيث ألقَتْ) إنكم بشرٌ

على المجاز ، وإلا لستمُ البشَرُ !!

*** ***

من أي بقعةِ رمل ٍ عُربُنا خُلقوا

من أي طينةِ أرض ٍ سَبْخةٍ فُطِروا

الناسُ حَطّت على المريخ صاعدةً

و نحن في هُوّةٍ عمياءَ ننحدرُ

و الناسُ وحَّدها بغيٌ ، و واحدُنا

في ذاته اثنين مقسومٌ ومنشطرُ

غاباتُ ناس ٍ تهابُ العينُ كثرتَها

كأنها الشوكُ ، لا ظلٌّ و لا ثمرُ

نام الزمانُ وهم يقظى لآونةٍ

حتى إذِاستيقظت أعداؤهم شخَروا

و البعضُ قبل قيام المحنةِ انبطحوا

و البعضُ قبل اشتعال الفتنةِ انصهروا

و البعضُ قد أسلموا للغرب صانعِهِم

و بالعروبةِ و الإسلام قد كفروا

و هم بأسمى معاني القتل ماقُتلوا

لكن بأوطا معاني الأسر هم أ ُسروا

يا قدسُ لا تَرْجُ منا نجدةً أبداً

و لا يَغُرَّنْكَ أنّا معشرٌ كُثُرُ

ناموسُنا عاد كالناموس ِ ،إن عَصَفتْ

ريحٌ ، يغيبُ ، فلا عينٌ و لا أثَرُ

و يا عراقُ أغِثنا أنتَ ، مُتْ عَجِلاً

ليغتذي بك هذا الدود والحشَرُ

ثلاثمائةِ مليونٍ تضيقُ بهم

بقيةُ الوطن المنهوب لو قُبِروا

نبيع عشرين مليوناً ، يعيشُ بهم

عشرون لصاً ، ليقتاتوا ويتّجروا

لا ديننا ، لا غنانا ، لا عروبتُنا

لا جذرُنا الحر ، لا تاريخُنا العطرُ

أضفت على قُبحنا من حسنها طرَفاً

بل ليس يظهر منها عندنا أثرُ

و كلنا أمراءٌ ، لامناص لنا

من العبيد سوى تنفيذ ما أمروا

و كلنا عظماءٌ ، لا نُطيقُ لها

رَدّاً إذا نَهبَتْ أقواتَنا الهِرَرُ

و كلنا حُكماءٌ ، لا يُقاسُ بنا

إلاّ هَبنَّقَةُ القيسيُّ و النفَرُ

و كلنا علماءٌ ، من جَهالتِنا

يَهمي البلاءُ علينا مثلما المطرُ

و كلنا أدباءٌ ، من ثقافتنا

تُشوّهُ القيمُ العُليا و تندثرُ

و كلنا شُعراءٌ ، من حَماسَتنا

تَحمى الأسِرّةُ حتى تَقدح السُّرَرُ

... ... ...

الثأرُ يُلغى إذا ثارت غرائزُنا

و الوتْرُ يُمحى إذا ما دندنَ الوتَرُ

قد تخطر القدسُ في أذهان قادتنا

فلا يكونُ لها وزنٌ ، ولا خَطَرُ

و لا تُؤثِّرُ في وجدانهم أبَداً

إلاّ ( العيون التي في طرفها حَوَرُ )!

بنى لنا أوّلونا المجدَ شاهقةً

عِمادُه ، و علينا هَدمُ ما عَمَروا

هل سائل ٍ نفسَهُ بالجدِّ أو فَرَضاً

ماذا نقول لهم لو أنهم نُشِروا ؟

*** ***

يا أمّةً في ظلام الليل قابعةً

و إن في رَجَوَيْها الشمسُ والقمرُ

ضيّعتِ حزمكِ مذ ضيّعتِ طائعةً

وصيةً كان قد أوصى بها عُمَرُ

فالآن فاستنجِِدي للثأر أغربةً

تُعلي النعيق ، ولا نابٌ ولا ظُفُرُ

أو فاعلمي أنها حربٌ صليبيةٌ

صَمّاءُ عمياءُ ، لا تُبقي ولا تَذَرُ

إذِ العراقُ غدا بالحرب مبتَدَءاً

فيا لَسوأةِ ما يأتي به الخبَرُ

بيادرٌ حول نار ٍ أوقِدت عَبَثاً

من لم يطُله لهيبٌ طالَه الشّرَرُ

و لْتَرفعي بدلَ التيجان عاليةً

راياتَ عزٍّ ، هي الأقماطُ و الخُمُرُ

(وفاءُ) (آياتُ) (إيمانٌ) و زمرتُها

و (درةٌ) حسدت أمثالَهُ الدررُ

بهؤلاء يُشَقُّ الفجرُ منبلجاً

إن فجّروا هدفاً ، أو إن همُ انفجروا

لا بالذين إذا قِط ٌّ تَثاءبَ ، أو

دجاجةٌ قَوقَأتْ في حَيهم ذُعِروا

دعوا أطَيْفالنا يحمون عزتَنا

فربما قلّدونا إن همُ كَبِروا

الأمرُ أكبَرُ من طفل ٍ و من حجَر ٍ

و الطفلُ أكبَرُ من أمر ٍ له ائتَمَروا

أسلافُنا أدركوا هذا و حكمتَهُ

فكان من أجل هذا يُعبَدُ الحَجرُ

يا مسلمونا ، و يا أحرار أمتنا

تنبهوا يا أ ُلي الألباب واعتبروا

النصرُ أقرب من حبل الوريد إذا

شئتم ، و شرطه ميسورٌ ومختصَرُ

( إن تنصروا الله ينصرْكم ) إذاً فضَعوا

في البالِ (إنْ) ، و ثِقوا أنّا سننتصرُ .بأي عذر ٍ إلى التاريخ نعتذرُ


ممّا أساءت له سَوْءاتُنا الكُبَرُ


أزرى بنا حين خاطرنا بذمتنا


فاجتاحنا ضارباً ناقوسه الخطَرُ


جواً .. وبحراً .. وبراً ، في مصائرنا


تحكَّم النسرُ .. والتمساحُ .. والنمِرُ


و نازعتنا الجهاتُ الستُّ وجهتنا


الفوقُ والتحتُ ثم الأربَعُ الأ ُخَرُ


في كمب دافيد إجرامٌ أعِدَّ ، وفي


أوسلو اجتماعٌ ، وفي مدريد مؤتمرُ


و زُعزعت ثَمَّ أعلامٌ و أشرعةٌ


من السفينة ، والألواح والدسُرُ


والريح قاصفةٌ .. والشمس كاسفةٌ


والبدر منخسفٌ .. والنجم منكدرُ


وعُطلت طرق الإحساس في دمنا


الذوقُ والشمُّ والأسماعُ والبصَرُ


عشرون واثنان ، شالت من بيارقها


ثلاثةٌ ، وأطيحَ التسعةُ العَشَرُ


فلا قريشٌ ، ولا بكرٌ ، ولا جُشَمٌ


و لا تميمٌ ، ولا قيسٌ ، ولا مضرُ !


ممالكٌ ما أقيمت حولها جُدُرٌ


لكنها قد أقيمت بينها جُدُرُ


برقُ الصواعق ، رعدُ الطائراتِ ، إلى


غيم الحرائق،شاموا الغيثَ وانتظَروا


فبال بوشٌ على آنافهم كرَماً


فأعلَنوا الشكر ، ظنّاً أنهم مُطِروا


لم يبق من ديننا ، أو من عروبتنا


إلاّ الدعايةُ ، والأسماءُ ، والصُوَرُ


و جملةٌ من شعاراتٍ نرددها


يكاد من ثقلها التاريخُ ينأطرُ


ما نحن إلا صغارٌ في حقيقتنا


و بالقياس إلينا يكبرُ الصِّغَرُ


عوراتُنا كلها للعين ظاهرةٌ


أمّا الضمير لدينا فهو مستترُ


محرمٌ في لُهانا ، والرؤوسُ عَثا


فيها جُمادى ، وفي أجوافِنا صَفَرُ


واستحكم الذل واستشرى الهوانُ بنا


حتى قبلنا بما لا تقبلُ الحُمُرُ


نُهيبُ بالحظ يستبقي بقيتنا


و الحظ ليس له دخلٌ ، بل القدَرُ


لمّا اقتفينا هداةً ضل سعيُهمُ


ساروا بنا كيف شاءوا، لا كما أ ُمِروا


قال اذهبوا (حيث ألقَتْ) إنكم بشرٌ


على المجاز ، وإلا لستمُ البشَرُ !!


*** ***


من أي بقعةِ رمل ٍ عُربُنا خُلقوا


من أي طينةِ أرض ٍ سَبْخةٍ فُطِروا


الناسُ حَطّت على المريخ صاعدةً


و نحن في هُوّةٍ عمياءَ ننحدرُ


و الناسُ وحَّدها بغيٌ ، و واحدُنا


في ذاته اثنين مقسومٌ ومنشطرُ


غاباتُ ناس ٍ تهابُ العينُ كثرتَها


كأنها الشوكُ ، لا ظلٌّ و لا ثمرُ


نام الزمانُ وهم يقظى لآونةٍ


حتى إذِاستيقظت أعداؤهم شخَروا


و البعضُ قبل قيام المحنةِ انبطحوا


و البعضُ قبل اشتعال الفتنةِ انصهروا


و البعضُ قد أسلموا للغرب صانعِهِم


و بالعروبةِ و الإسلام قد كفروا


و هم بأسمى معاني القتل ماقُتلوا


لكن بأوطا معاني الأسر هم أ ُسروا


يا قدسُ لا تَرْجُ منا نجدةً أبداً


و لا يَغُرَّنْكَ أنّا معشرٌ كُثُرُ


ناموسُنا عاد كالناموس ِ ،إن عَصَفتْ


ريحٌ ، يغيبُ ، فلا عينٌ و لا أثَرُ


و يا عراقُ أغِثنا أنتَ ، مُتْ عَجِلاً


ليغتذي بك هذا الدود والحشَرُ


ثلاثمائةِ مليونٍ تضيقُ بهم


بقيةُ الوطن المنهوب لو قُبِروا


نبيع عشرين مليوناً ، يعيشُ بهم


عشرون لصاً ، ليقتاتوا ويتّجروا


لا ديننا ، لا غنانا ، لا عروبتُنا


لا جذرُنا الحر ، لا تاريخُنا العطرُ


أضفت على قُبحنا من حسنها طرَفاً


بل ليس يظهر منها عندنا أثرُ


و كلنا أمراءٌ ، لامناص لنا


من العبيد سوى تنفيذ ما أمروا


و كلنا عظماءٌ ، لا نُطيقُ لها


رَدّاً إذا نَهبَتْ أقواتَنا الهِرَرُ


و كلنا حُكماءٌ ، لا يُقاسُ بنا


إلاّ هَبنَّقَةُ القيسيُّ و النفَرُ


و كلنا علماءٌ ، من جَهالتِنا


يَهمي البلاءُ علينا مثلما المطرُ


و كلنا أدباءٌ ، من ثقافتنا


تُشوّهُ القيمُ العُليا و تندثرُ


و كلنا شُعراءٌ ، من حَماسَتنا


تَحمى الأسِرّةُ حتى تَقدح السُّرَرُ


... ... ...


الثأرُ يُلغى إذا ثارت غرائزُنا


و الوتْرُ يُمحى إذا ما دندنَ الوتَرُ


قد تخطر القدسُ في أذهان قادتنا


فلا يكونُ لها وزنٌ ، ولا خَطَرُ


و لا تُؤثِّرُ في وجدانهم أبَداً


إلاّ ( العيون التي في طرفها حَوَرُ )!


بنى لنا أوّلونا المجدَ شاهقةً


عِمادُه ، و علينا هَدمُ ما عَمَروا


هل سائل ٍ نفسَهُ بالجدِّ أو فَرَضاً


ماذا نقول لهم لو أنهم نُشِروا ؟


*** ***


يا أمّةً في ظلام الليل قابعةً


و إن في رَجَوَيْها الشمسُ والقمرُ


ضيّعتِ حزمكِ مذ ضيّعتِ طائعةً


وصيةً كان قد أوصى بها عُمَرُ


فالآن فاستنجِِدي للثأر أغربةً


تُعلي النعيق ، ولا نابٌ ولا ظُفُرُ


أو فاعلمي أنها حربٌ صليبيةٌ


صَمّاءُ عمياءُ ، لا تُبقي ولا تَذَرُ


إذِ العراقُ غدا بالحرب مبتَدَءاً


فيا لَسوأةِ ما يأتي به الخبَرُ


بيادرٌ حول نار ٍ أوقِدت عَبَثاً


من لم يطُله لهيبٌ طالَه الشّرَرُ


و لْتَرفعي بدلَ التيجان عاليةً


راياتَ عزٍّ ، هي الأقماطُ و الخُمُرُ


(وفاءُ) (آياتُ) (إيمانٌ) و زمرتُها


و (درةٌ) حسدت أمثالَهُ الدررُ


بهؤلاء يُشَقُّ الفجرُ منبلجاً


إن فجّروا هدفاً ، أو إن همُ انفجروا


لا بالذين إذا قِط ٌّ تَثاءبَ ، أو


دجاجةٌ قَوقَأتْ في حَيهم ذُعِروا


دعوا أطَيْفالنا يحمون عزتَنا


فربما قلّدونا إن همُ كَبِروا


الأمرُ أكبَرُ من طفل ٍ و من حجَر ٍ


و الطفلُ أكبَرُ من أمر ٍ له ائتَمَروا


أسلافُنا أدركوا هذا و حكمتَهُ


فكان من أجل هذا يُعبَدُ الحَجرُ


يا مسلمونا ، و يا أحرار أمتنا


تنبهوا يا أ ُلي الألباب واعتبروا


النصرُ أقرب من حبل الوريد إذا


شئتم ، و شرطه ميسورٌ ومختصَرُ


( إن تنصروا الله ينصرْكم ) إذاً فضَعوا


في البالِ (إنْ) ، و ثِقوا أنّا سننتصرُ .