أيتها النخلة
كيف تجدين هذه النخلة ؟؟
إنها ظليلة وارفة ، تتحرك الفراشات في طولها وعرضها صباحا فلا تمل الحراك ،
عجيب أمرهذه الفراشة ، وهي تسري كقطرات ماء تتسلل إلى عمق التراب ، تخترق أليافها في عنف مختزل يرى الجنون دليلا ورسولا .
أيتها الفراشة ، حين أراك تحلقين في ضباب الوجود ، أتذكر أنك تسامقين عنفوان هذه النخلة التي تستتبع مني نظراتي نحوها ، فلا أرى لي سبيلا ، إلا أشواقا هائمة ثكلى تنسيني وهج روحي بصخبها الفتان .
عزاء
عزاء لك ايتها الروح المحترقة بين أصداف الفكر ، عزاء لك أيها الإسم المخلد في أعماق روحي ، عزاء لكل من يرى من معادلات الوجود أن أصل البحر قطرة متأرجحة بين الشهود والغياب ، قطرة تلاشت بين أطياف الروح ، وتناثرت بين أحراج الحياة ، فتماثلت في كمالها بين أطباق الأمواج ، تكاملت جوهرة ، أو لؤلؤة ، تسبح ببهاء الطبيعة ، وتنتزع منا عيونا حرى ترن إلى كل جميل .
عيون بمقدار الألوان ، تستوعب الكمال في شعور واحد ، شعور بالفراغ والضياع .
إنتقال
بين هذا الحي وذاك ، تضيع الخطى ، والنظرات ، والأحلام ، والأفكار ، بين هذين الحدين ، أجد من روحي وسواسا يعن لي دائما حين اخبرها بقرب المسير ، أقطع هبات الأثير ، بزفرات روحي ، وأنا أتصبب عرقا ، يندى به روحي صباغة تكتب الوجود لونا واحدا يشير الى حقيقة واحدة سريالية ، تتعالى على أعضاء الكوكبة ، لتستميل الأرواح إلى ساعة الوهم والخداع .
وحين أتسلق هذا الفنن ، أقطع لروحي مساحة من الزمن ، أرنو فيها إلى إزاحة العناء، فأرتاح سويعة أصادف بعدها مللا ، يدفعني الى بداية الرحيل ، وتستمر الأشواط أقطعها مشيا متدحرجا ، ويبقى الضوء سيدا يسوقني في انجذاب ، ألاحظ فيه قبسا من نور ينتحر بين أيد أثيمة لا ترى إلا الظلام بين عينها .
فالحقيقة سديم لا يعيشها الكاتب إلا تولها بالوصول إليها .!!!
خلاص
أفكر في طريقي ، وأنا أنتظر اليوم القابل بعين فاترة ، أقول في حديثي لنفسي ، غدا ستحرر الحقيقة من يد هذا الجبار ، غدا ستندى راحات نظيفة بامتدادات تسبح في أقف الوجود ، لتستلم هذا التاج المتعب لروحي ، سر أكابده ، لغز أعاني أزمته ، لقاح أضاف إلي روحا علوية تسمو بي على بشريتي ، هذه همة فولاذية تحتقر الوجود ، تركب رسوما على أكواخ العقول ، أعشاش هذه المسامير التي لا ترى لها هما إلا ثقب العجين
، مزابل هذه الجسوم التي لا تقتني إلا ما لعبت فيه يد الصانع بالتقبيح .
وتنساب النظرة الفاحصة في شاعرية روحانية تستوثق عراها بطلاسم الوجود ، فتقول في عبرة صادقة ، هلامية هذه المثالية التي ترى الوجود فرحا بدون آلام ، وبهذا يبقى المسير متوثبا لمعرفة الحقيقة .
دخول
لما أمر من وراء الباب بفتحه ، لم يدر ما يختبئه هذا المسرح من وجوه ، دخل عنوة ليلفى ملمسا لينا ، يلمحها بنظرته فيخالها هباء من اللين ، قطعة من صبيب الطبيعة ، فلذة تنطلق منها أنوار تدل على صياغة الأزل ، لكنه حين التجأ إليها ولت هاربة ، فارة ، فإلى أين المهرب ؟؟
تشنج يشعر به حين لم ير بدا من الركوب على متن المغامرة ليواصل السير الى برج الحماقة ، وعلى باب الحقيقة ، يصعد هذا البخار زعيقا ، جؤارا ، يطبق الكون صلاة على الذي أراق لوعة حرى على وجوه تبسمت فتولهت ثم احتارت فبكت .
إنه بئيس يشعر بالظفر والإنتصار ، وحين انتصر انهزم ، فما تمنى ان ينتصر حتى لايرى الأضداد تتعانق بين يديه في دقات حزينة لأوتار القلب الخنوع .
بهذه السيف المسمومة ، قطعت أوصاله ، على مدرجة التاريخ ، فلم يدر ، أهل سيتخلص من كابوسه ، وسيدخل الى هذا الميدان الفسيح ؟؟؟
حركة
بعد أن هذبته الطبيعة ، وأستقرت على حالته الأولى أحواله السنية ، أدرك أن الخلاص لا بد له من باب يوصل إليه ، لكنه أبى أن يدخل ، وحين سيدخل إلى هذه الدهاليز ، سيرى عيونا غريبة ، وأصواتا حزينة ، فهل سيسلم من إزعاجها في نومه ؟؟ أم ستراوده في يقظته وحدها ؟؟ فهل سينام ليرتاح من كابوس النهار بأحلام الليل ؟؟ أم سيبقى في حركة لئلا تختبط منه نظرات الإنس بمن شاكلهم من بني الجنس الآخر ؟؟