خواطر في الشعر
الشعر ذلك الكائن السرمدي العجيب
بعد كل هذا التعب الذي أنهكني واستنزفني من أول نبض
الشعر إذا رجعت إلى حقيقته الفطرية وعري ولادته الأول وكما عرفته أجده حالة شعورية قبل أن يكون صناعة فكرية
الشعر لم ولن يكون أبداً استيراداً لأساليب تعارف الآخرون عليها ودرسها الدارسون
وأرى الشعر بعيداً عن الخرافات التي يكتبها النقاد ويصدقها أنصاف الموهوبين هو كشف عن أحاسيس وعلاقات بين الاشياء جديدة لكنها موجودة و معاشة
لتكون الحداثة بالتالي عملية صيرورة متجددة لا تنتهي مع تجددنا كبشر
لأننا ببساطة نستحم بماء جديد كل مرة
وكما كان هناك جدار بين الشاعر -كإنسان يعرفه الفلاسفة بأنه حيوان يبكي -وبين قصيدته فنراه يبدأ بالغزل حين يكون قصده المدح أو يقف على أطلال من يسميها حبيبته حتى إذا أراد الهجاء. وأرى أن من استطاع اللمعان عبر هذا التاريخ العربي الطويل الذي انعجن بالشعر قد استطاع لسبب رئيسي هو أنه كان لسان حال من عاش في عصره ولأنه كان ضمير عصره فقد أصبح مرآة لكل العصور
أتذكر من قال:
اعمل بوجه واحد تأتيك كل الأوجه
لأن من يتوهم نفسه أنه وصل إلى آخر تقنيات الحداثة لأنه يكتب قصيدة النثر -طبعاًأنا أكتبها_ ويقلد الاساليب التي توصف بالحديثة والتي أصبحت قناعا بين الشاعر و إحساسه كما هو الامر في العصور القديمة
فهو من يجرد مشاعره عن القصيدة و يعتبرها عملية فتح فكري قبل أن تكون كشفاًً عن أحاسيس معاشة و تجارب مر بها الشاعر
وللأسف هناك الكثير من الشباب من يقع في هذا المطب ويمضي سنوات في النسج على نول مصطنع من خيوط استعارها من روح الآخرين ومن قراءاته السابقة.
القصيدة الرومانسية
هناك من ظهر من أدعياء سقوط القصيدة الرومانسية ويعتبر القصيدة في فتحاً فكرياً مجرداً ورموزاً أسطورية يري من خلالها الشاعر ثقافته ....والقصيدة الرومانسية باعتبارها استقاء من مشاعر تختلف من شخص لآخر كبصمته ومن جيل لآخر فهي حاجة متجددة و برهان واضح على قدرة الشاعر عن التعبير عن الأحاسيس والحالات التي تنتابه وتنتاب الآخرين حوله ...وأنا لا أنكر أن الأساليب الشعرية خاضعة للتطور وذائقة الأجيال لكن هذا الجسد مهما اختلف قوامه وشكله فالروح الت يهي حقيقة الشعر هي روح واحدة رغم كل الأشكال التي سكنتها .
قصيدة النثر
في قصيدة النثر لا يبقى للشاعر إلا الشعر ليعبر عن الألق الذي يسكنه و الحقيقة التي يمتلكها
في قصيدة النثر تتطهر القصيدة من كل المكياجات التي كانت تتزين بها وتتعرى من كل الأثواب و الألبسة التي كانت تستر جسدها لنراها عارية من كل شيء إلا من جمالها الحق
ومن يقترف قصيدة النثر فلن يستطيع تركها لأنها ببساطة رحلة شديدة الجموح والوله والصعوبة ويكون الوصول إلى قلب القارئ أمتع كلما كانت الرحلة أطول وأكثر مشقة
وبدورها لا تستطيع قصيدة النثر إلغاء الإيقاع وأنا كشاعر لم استطع الإنفلات من أسر الإيقاع الذي يجتاحني في حالات محددة بعينها لا تكون قصيدتي في ذلك الموقف حقييقية إلا به.