جنيت ثمارها قذعا،
نلت منها علقما وبيئا،
تعاندني برياحها الهوجاء،
ترسل جملة من الكلمات،
تخترقني كالفيروسات،
تسبح في عمق الليل،
تشاكسني بخلف العدة،
فتُهيض مني كل قوة،
تنوح كلماتها من وراء الستور،
تُظهر ملامح الصباح،
تضمني اشتياقا،
بالأمل الموءود في روحي،
توعدني بالألم،
لم أر لي حيدة،
عن لونها السرمدي،
عن طيفها المغرور،
فأضجر منها مريحا نفسي،
مللت الكلام،
انمحت سطوري،
فهل يستطيع هتاف الروح!!
أن يعيد الذكريات،
ويوقف النزيف،
ويحصد الألم المسكون بأوصالي؟؟؟
نور يبدو من خُلل الأرزاء،
أتيه في لجته كالغريق،
فأعبره نجما يخترق الحجاب،
أقطع من متاهاته مساحات،
تترى معها فِلق من حشاشتي،
أقطعها زفرة تئن بالفضاء،
فأظهر بين غضباتها،
بين أحاديثها،
كالقين المصفد،
تختلط أمامي مئات الألوان،
أراها في أوان من زجاج،
تعاكسها لجة المياه،
تخيلتها سوادا من نور،
يخبوا في مملكة الفؤاد،
فأجلس للوسادة المنهارة على أريكتي،
أبكي، وأبكي،
فتراني النجوم،
فتسهر لأغنيتي،
أرددها شجى وحزنا،
وشاحا من ألم غض،
أرميه بنوى من أمل،
فيكر نبضا بالشقاء،
أنظر إليه سرابا،
أخاله مدن الفضائل،
أدخلها مختفيا من الشعور،
أحس بمآذنها ترمقني،
نظرات حانقة تصدني،
تنفِّر مني كل أمل،
فأزداد جرحا بنبذي،
لقىً على سبيل الحرمان،
فأسلو بدموعي،
وأنسى كل مرام،
وأحتفي بشعوري ، وشوقي،
وأعلنها مأتما،
وأربعينية للذكرى،
أعلل بالبقاء روحي،
أرمي منها فصا كل طرفة،
فتقتنصه بلحظ يرمحني،
فأهفو بصداق مهجتي،
أمتع به حريتي،
وأجر إلى الحداد كل قيد،
عشق أفند به قصة الأيام،
أبكيه ذرات من حشاشتي،
حين أتذكره أحن للقاء،
أرجو يوما أراها نادمة،
تعاودني بلطفها كما كانت،
تُصعدني مركبها،
أقتفي آثارها شوقا،
أقدسها في خفقة الحيران،
أبكم، أعجم،
لا ينطق إلا بهوى،
أمل، ولا كلام،
وعد، ولا يوم،
هذه حالتي في حضرتها،
وأزفر فوق الأغصان،
وأملأ الأرجاء صخبا،
ثملا ملء روحي،
فهذي شواهد الحضور،
أكتوي في معاهدها بتأوه،
يستحيل أن أراه وجودا،
أوشكت عزما،
تلقيني في بحرها الغائر،
فأنسى أنسا بين شباك القضبان،
عيونا، شفاها،
تكلمني،
تفسح عيون الشواطئ،
فأمشي، وخرير الأمواج يشاكلني،
وزغرودة النوارس تماثلني،
فأبكي للصدى،
للذكرى،
مختالا في مشيتي،
أرقب بصيص وعي،
أجذف بشراعي،
أقطع العباب وهما،
يرسل سلاما مبهما،
مشرقا،
يأتيني وحيها فيحييني،
فأعود من رحلة النسيان،
فاغدوا إلى مراسي الآمال،
صواري تسمعني زمزمتها،
فألهو متولها بحدوها المنساب،
ذاهل للسطوح للبيضاء،
للنوافد الوامقات،
لصرير الأبواب،
للكلام المنبعث من البيوت،
للصدر المنفتح على الآثار،
للمشاة على سواحل الحياة،
للراحلين على أمواج البحر،
للواقفات بساحات الورود،
ثم تصفعني الذكريات،
بنشيد من سنوات عجاف،
أتوارى خلف الجدران،
يلفه الصادي أملا وتحنانا،
وأوقظه أملا بين البدور،
أرتجيه غدا مع الإصباح.